jeudi 11 février 2010

البحار

تشكل البحار والمحيطات مصدر ثروة أساسياً للبشر، حيث تشكل الأسماك والكائنات البحرية الأخرى مصدراً ثريّاً للغذاء، بينما يؤمن إسفنج البحر ومخلوقات بحرية أخرى عناصر هامة تدخل في تركيب أدوية لعلاج أمراض مثل نقص المناعة المكتسبة (الأيدز) وغيره. كما تشكل سلاسل الصخور المرجانية الممتدة على طول بعض السواحل في العالم عاملاً طبيعياً يقي الشواطئ من الأمواج العاتية. وأخيراً، يصل حجم الفائدة الاقتصادية العائدة من البحار، من خدمات وأطعمة وسلع، إلى 2.1 ترليون دولار أميركي سنوياً.ينهل البشر من خيرات البحر من دون حساب، لكن استغلال الثروة المائية قد تخطى حدوده مؤخراً، ونشاطات البشر المتواصلة والكثيفة في البحار أصبحت تشكل خطرا على توازنها الحيوي. لقد رأى القدماء في البحر مصدرا لا ينضب للثروات، لكن الاكتشافات الحديثة أظهرت أن إمكانيات البحر محدودة جداً، خصوصاً عندما تستهلك بهذا الشكل الكبير كما يحدث اليوم. يقول غريغ شميدت، مدير العلاقات الإعلامية في مؤسسة أوشن كونسرفانسي Ocean Conservancy، والتي تنحصر مهمتها في حماية البحار والمحيطات في جميع أنحاء العالم: "التلوث الحاصل بسبب الأنشطة الأرضية، والصيد الزائد عن المعدل المقبول أو المتفق عليه، هما أكبر خطرين يهددان البحار والمحيطات". لكن الأخطار لا تتوقف عند ذلك، فهواة الغوص الذين يغوصون بأعداد كبيرة كهواة يهددون وجود سلاسل الصخور المرجانية، كما تؤدي التسربات النفطية إلى تدمير مساحات شاسعة من البحار والشواطئ.إن تدريب وتوعية الناس على كيفية التعامل مع البيئة بشكل أفضل يشكل حلاً جزئياً للمشكلة، لكن من الواجب تفادي أخطاء الماضي أيضاً. فمنذ بدء استخدام مادة البلاستيك لصنع العبوات، وهي مادة لا تتحلل طبيعياً، تجمعت أطنان من النفايات في قعر البحار والمحيطات من البحر الأحمر وصولاً إلى المحيط المتجمدأهمية البحار!أهمية علوم البحار والمحيطات في الحياة العمليةالأسمــــــــاك غـذاء ودواءتعتبر الأسماك من أوائل الأغذية التي عرفها الإنسان على مر العصور، وفي حقب ما قبل التاريخ كان الغذاء الأساسي للإنسان البدائي هو الأغذية النباتية ، المكونة من الفاكهة البرية، إلى جانب الأسمــاك وحيوانات برية صغيرة.ورغم مرور آلاف السنوات على تعرف الإنسان على الأسماك كغذاء، إلا أن السمك ما زال يحتل مركزاً مرموقاً في لائحة طعامه ، ويمثل وحده نسبة 20% من البروتين المستهلك على المستوى العالمي .وتتميز الأسماك بأنها غذاء سهل الهضم، يمكن تقديمه كوجبة غذائية بكثير من الطرق ، ويتفنن الطهاة في أسلوب وشكل تقديمه ، وبالإضافة إلى أهميته في بناء جسم الإنسان ونموه، يتميز السمك أيضاً بأنه دواء لكثير من الأمراض ، ومن أحدث ما تم اكتشافه في هذا المضمار، هو أن تناول المرأة الحامل للأسماك يؤثر إيجابياً على نمو الجنين العقلي ، وقد يؤدي إهمال المرأة لتناول السمك طوال فترة الحمل إلى نمو متأخر للجنين داخل الرحم ، وإلى إنجاب مبكر، ويكون الطفل الوليد أكثر عرضة للأمراض والوفاة .أيضاً من بين ما تم اكتشافه مسكن فاعل لآلام مرض السرطان ، وذلك عن طريق مادة كيميائية جرى استخراجها من سم بعض القواقع المفترسة، وهذه المادة يطلق عليها اسم "زيكوناتايد" ويجري حقن المريض بهذه المادة عن طريق قسطرة داخل السائل الشوكي ، وهذه المادة، تساهم في تخفيف آلام مريض السرطان الشديدة، وذلك دونما أي تأثير مخدر، ودون أي اعراض جانبية أياً كان سن المريض ، أو الكمـــية التي يتعاطاها.هناك أيضاً عشرات من الأمراض التي يساهم السمك في علاجها ، ومنها تقوية الكلى ، وتسكين آلام القصبة الهوائية، وعلاج السل الرئوي وضعف الكبد .ومن أهم أنواع الأسماك التي تستخدم في العلاج :سمك التونةوهو ترياق ضد لدغ الثعبان ، وعضة الكلب غير المسعورة وطارد جيد للبلغموتفيد في طرد البلغم والغازات إذا ما تم تناولها مع الملح والزنجبيل ، إلى جانب شهرتها الواسعة في زيادة الفحولة للرجل .الحبـــار :الحبار أو "الخثاق" هو أيضاً من أنواع الأسماك المتعددة الأهمية العلاجية ، وتستخدم عظامه علاجاً لعدد من الأمراض خاصةً الأمراض الروماتزمية ، وعلاج الجروح والتقرحات والزكام .أما الطريقة التي يتم من خلالها إعداد عظام الحبار لعلاج الروماتيزم تكون عبر طحن العظام بعد تجفيفها جيداً، إلى أن تصبح في شكل طحين ثم يخلط مع السمن أو الزيت لتشكيل عجينة ، يضاف إليها بذور الرشاد ، وقليل من الفلفل الأسود ، ويتناول المريض هذا الخليط في الصباح الباكر قبل الإفطار لعدة أيام متتالية .الحـــــــــــــوت: يحتوي زيت الحوت على نوعين من الفيتامينات هي فيتامين "أ" وفيتامين "د" ويفيد تناوله في علاج ضعف الرؤية والعشى الليلي ، وعلاج مرض الكساح ، أيضاً يفيد زيت الحوت في علاج التهابات الجلد والأغشية المخاطية ونقص نمو الأنسجة والعضلات لدى الأطفال ، وعلاج ضغط الدم .القبقب : وهو نوع من سرطان البحر وتختلف تسميته من دولة إلى أخرى ، إلا أنه متفق على نجاحه في علاج مرض الجدري والسعال الديكي .أخيراً مرضى القلب يمكنهم الاختيار من بين 22 ألف نوع من السمك ما شاءوا في علاجهم ، ففيه ضالتهم ، ويمكنهم من خلال تناول 30 جراماً يومياً فقط من الأسماك خفض معدل الإصابة بهذا المرض العصري الخطير والذي يعاني منه عدد كبير من سكان الكرة الأرضيةأ. استغلال بعض الكائنات البحرية1- الأسماك والثدييات البحريةتساهم الثروة السمكية في تطور الاقتصاد البشري، وتتركز المصايد العالمية أمام سواحل شمال شرق الولايات المتحدة الأمريكية، والسواحل الغربية لكندا والساحل الغربي لأمريكا الجنوبية، والسواحل الشرقية لأسيا.2- الطحالبيعتمد عليها غذاء رئيسياً في بعض الدول مثل اليابان، كما يستخرج منها مادة الآجار Agar، والالجين Algin، وتستخدم الأولى في صنع أطباق الحلوى (الجيلي) والمسهلات الطبية ومركبات السلفا والفيتامينات. وتستخدم مادة الالجين (التي تتميز بلزوجتها وعدم مساميتها) في صناعة المواد والغطاءات غير المنفذة للمياه.3- الإسفنجوهو حيوان بحري يعيش في المياه المدارية وشبه المدارية الدفيئة، والتي تتميز بارتفاع نسبة الملوحة بها، ويعيش في المياه الضحلة فيما بين 10 إلى 50 متراً. وتتركز المصايد الرئيسية للإسفنج ببعض سواحل الولايات المتحدة الأمريكية واليونان وجزر الهند الغربية وتونس ومصر.4- اللؤلؤينتشر في المياه الدفيئة، التي ترتفع فيها نسبة الملوحة، وتمثل أشهر مناطق تكاثره في مياه البحر الأحمر، والخليج العربي، وبحر اليابان.ب. استخلاص بعض الأملاح والمعادن1- ملح الطعاميُعد ملح الطعام (كلوريد الصوديوم) من أهم الأملاح الاقتصادية، التي يستخرجها الإنسان من مياه البحار. وتعد المياه الساحلية الضحلة، لكل من جزر الهند الغربية واليونان والصين والمكسيك ومصر من أغنى المناطق لاستخلاصه من مياه البحر.2- اليودوهو من أندر المعادن اللافلزية، وتعد الحيوانات البحرية الإسفنجية والمرجانية وبعض الأعشاب البحرية المصدر الرئيسي لليود، حيث يُختزن في أنسجتها بكميات كبيرة.3- البرومويستخلص من مياه البحار، ويستخدم في صناعة مطافئ الحريق، والمواد الكيميائية الفوتوغرافية، والأصباغ، والمواد الكيميائية الحربية.4- زيت البترولويتكون تبعاً لاندثار الكائنات البحرية وتراكمها فوق قاع البحر، ثم تُحلل هياكل هذه الكائنات تدريجياً إلى تلك المادة التي تشكل الحضارة البشرية الحديثة. ويتمثل توزيعه الجغرافي في الخليج العربي وخليج السويس، وبعض أجزاء الساحل الشمالي لأفريقيا، والبحر الأسود، وبحر قزوين، وبحر ماركيبو (فنزويلا)، وسواحل تكساس على خليج المكسيك.ج. إعذاب مياه البحروتجري عملية إعذاب مياه البحر بعدة طرق منها:1- التجميدأي تبريد مياه البحر فجأة، ومن ثم تنفصل بلورات الثلج عن بلورات الملح، ثم يصهر الثلج للحصول على المياه العذبة.2- التقطيروذلك باستخدام الطاقة الشمسية أو مواد الوقود (الفحم والبترول) .3- التحليل الغشائي الكهربائي.وذلك بتمرير تيار كهربائي في أوان تحتوي على مياه البحر بين أقطاب كهربائية، تعمل على استخلاص الملح من مياه البحر، ويصبح الماء بعد ذلك عذب المذاق.ولا تتوقف أهمية جغرافية البحار والمحيطات على ما تساهم به في الحياة العملية، بل تمتد أهميتها للحياة العلمية أيضاً، إذ تهتم بدراسة نشأة البحار والمحيطات وخصائصها الطبيعية

مؤسسة محمد الخامس للتضامن

تعريف مؤسسة محمد الخامس للتضامن مؤسسة الملك محمد الخامس للتضامن هي مؤسسة ذات منفعة عامة. و قد أحدثت في 21 ربيع الأول 1420 موافق 5 يوليوز 1999، من أجل محاربة الفقر والتهميش، و تقوم بتوزيع المواد الغذائية و الملابس و الأدوية و غيرها على فئات المعوزين، و تقدم الدعم للجمعيات و تتضامن معهم تضامنا. بالإضافة إلى أنها تقوم بشراء اللوازم الضرورية، و توزيعها على نزلاء المراكز الاجتماعية كالأدوية و المواد الغذائية و الأدوات المدرسية و غيرها استجابة للحاجيات الملحة و تهتم المؤسسة بتقديم المساعدات الفورية بعد وقوع الحوادث الطبيعية أو لمدة محددة،كتقديم وجبة الفطور في شهر رمضان و عملية استقبال و مرور الجالية المغربية بالخارج. و من أهداف المؤسسة أيضا: تقويم و تحسين البنايات الضرورية التي تشكل عائقا اجتماعيا. و قد استفاد الأطفال و الشباب و المسنون و الأرامل من هده المساعدات. زيادة على كل ما ذكرنا، إن مؤسسة محمد الخامس للتضامن مكنت من تحسين مرافق العلاج بفضل بناء المستوصفات و توفير وحدات متنقلة للعلاج. فعلا تقوم المؤسسة عينها بأعمال عجيبة. و الغلاف المالي المخصص يبلغ مائة و ستون مليون درهما لبناء و تجديد المراكز الخاصة بالمعاقين، و بناء و تقوية القدرة الاستعابية لمراكز المكفوفين و الصم و البكم. و قد تم بناء ثلاث مراكز للمكفوفين بفاس و مكناس و تارودانت و مركزين للصم و البكم بالحسيمة . فعندما تقوم المؤسسة بمثل هده الأعمال يكون الناس فرحين. إن هده لمؤسسة الرائعة أعمالها تغير حياة أسر و عائلات و تسعدهم. الأهداف تتلخص الأهداف المسطرة من طرف مؤسسة محمد الخامس للتضامن في الآتي : تدعيم روح التضامن وترسيخها كثقافة. لعب دور المحفز والمحرك الرئيسي للتنمية الإجتماعية ومحاربة الفقر. توفير الدعم والمساندة وتنظيم أعمال وتظاهرات لفائدة الفئات المعوزة عبر تقوية المؤسسات وتوفير الدعم المالي لمختلف الفاعلين الإجتماعيين. خلق شراكة وتوخي القرب كمبدأ أساسي أثناء إعداد مشاريعها. * موارد المؤسسة: تتكون مداخيل المؤسسة من جمع التبرعات النقدية و العينية و فوائد الأرصدة المجمدة لدى الأبناك و مساهمات شركاء المؤسسة .. .. و تنفرد بانتظام مداومة المراقبة الداخلية و الخارجية و يتم اجراؤها من طرف : + أطر بعض الأبناك و بريد المغرب بالنسبة لحملات جمع التبرعات. + أعضاء مجلس الإدارة و رؤساء المشاريع لدى المؤسسة. + أطر وزارة التجهيز و مكاتب الأبحاث. تنبني إستراتيجية مؤسسة محمد الخامس للتضامن حول محورين إثنين العمل الإنساني الذي يروم بالأساس إلى التخفيف من معاناة الفئات المعوزة عبر تزويدها بالمساعدات العينية الضرورية : مواد غذائية، ألبسة، أدوية، معدات طبية وغيرها. العمل على تحسين وتطوير ظروف العيش عبر : محاولة القضاء على أسباب الفقر ، المساهمة في تقوية الخدمات الاجتماعية (خاصة بالعالم القروي)، تحسين موارد دخل الفئات المحرومة، الحد من هشاشة الوضع الذي تتواجد عليه بعض شرائح المجتمع (بالخصوص ربات البيوت وذوي الاحتياجات الخاصة)، وكذا التقليص من الآثار السلبية للفقر على الأطفال . العمل على ملاءمة طرق ووسائل التدخل مع الحاجيات : تعتمد مؤسسة محمد الخامس أثناء إنجازها لبرامجها على الدينامية المحلية التي تمكن من تحديد الفئات المستهدفة وحاجياتها، مع الحرص على ضمان الانسجام والاستمرارية للمشاريع. تجند كل المغاربة : إن توفر شروط الشفافية واحترام قواعد التدبير السليم، قيم التضامن والمواطنة، كلها عناصر ستساعد ولا شك على تحفيز كل المغاربة للتعبئة من أجل مساعدة المحرومين بكل طواعية وقد كان لانخراط الفاعليين الحقيقيين في مجال محاربة الفقر دور بارز في تحسيس المجتمع بضرورة الوقوف بجانب الفئات المعوزة لتخليصها من براثين الإقصاء والتهميش. وإذا كانت هذه السياسة من المهام الموكلة للدولة، فهذا لا يقصي الدور الذي يضطلع به بعض الفاعلين كالمقاولات، والمنظمات الغير حكومية والمجتمع المدني بوجه عام، في بلورة كل أهدافها وضمان نجاحها. إضافة إلى كل هؤلاء الفاعلين، و الوسائل والطاقات التي يتوفرون عليها، هناك بدائل مهمة لدى الفئات المعنية لتساهم بدورها في تحسين ظروفهم . ويرجع الفضل في إعادة إحياء هذه القيم النبيلة القائمة على فلسفة إنكار الذات والاهتمام بالآخرين وتخفيف المعاناة عنهم وبث روح التكافل والتضامن بين مختلف مكونات المجتمع المغربي إلى الدور الذي تقوم به اليوم مؤسسة محمد الخامس للتضامن التي تعمل على تمتين وتفعيل هذه القيم المجتمعية الإنسانية النابعة من الدين الإسلامي الحنيف والتقاليد المغربية الراسخة، تدعيما لروح التضامن وترسيخها كثقافة والمؤسسة تلعب دورا فاعلا في تحسيس المجتمع بضرورة الوقوف إلى جانب الفئات المعوزة لتخليصها من براثين الإقصاء والتهميش. وأن أهداف ومصوغات وجود مؤسسة محمد الخامس للتضامن تنبع من فلسفة وروح ما دأب المغاربة على التعامل به في ما بينهم من شد أزر بعضهم البعض كالبنيان المرصوص، وتمتين وترسيخ روابط الإخاء والتعاون. وتجسيدا لهذا التوجه، جعل جلالته من مؤسسة محمد الخامس للتضامن ميدانا للتكافل والتآزر الوطني، وحرص حفظه الله، من خلال إشرافه الشخصي على نشاطها، وتتبعه المتواصل لمشاريعها ووقوفه الميداني على منجزاتها، على أن يجعل منها بحق، أداة فعالة للتماسك الاجتماعي، ورافعة محفزة لتدخل باقي الفاعلين العموميين والخواص، ووسيلة مثلى لتوفير الخدمات الأساسية اللصيقة بالانتظارات الملحة للفئات الأكثر احتياجا

الفيتامين و الاملاح المعدنية


تعريف الفيتامين .كلمة فيتامين من الكلمة الانجليزية vita وتعني الحياة وكلمة amine تعني مركب عضوي وبالفعل الفيتامينات هي مركبات عضوية يجب إدخالها بمقدار قليل وباستمرار لدوام نمو الخلية ولدوام عمل نمو الأعضاء بانتظام ، وإن نقصها في جسم الإنسان يؤدي إلى أمراض تسمى بأمراض نقص الفيتامينات ، وبشكل عام تؤدي الفيتامينات وظائف هامة في جسم الإنسان.فوائد الفيتامينات للإنسان .يوجد العديد من الفوائد للفيتامينات في جسم الانسان من اهمها :· إن الفيتامين ضروري جداً في جسم الإنسان لإتمام عملية التأكسد والاحتراق داخل الخلايا ( التنفس الداخلي ).· يلعب الفيتامين دورا هاماً في عمليات التمثيل الغذائي للكربوهيدرات والدهون والبروتينات.· الفيتامين ضروري في عملية تنظيم وجود وإخراج كميات الأملاح والماء من الجسم.· يساعد الفيتامين على امتصاص الحديد من الأمعاء وبناء هيموغلوبين الدم.· يزيد الفيتامين من مقاومة الجسم للعدوى والمرض.· وهو ضروري لنمو الأطفال .أنواع الفيتامينات .الفيتامين A المعروف باسم الفيتامين أ· فوائد هذا الفيتامين : يعطي الفيتامين (أ) للانسان جمال اللون وبريق النظر ، ويساعد في مقاومة الأمراض ، ويتوفر هذا الفيتامين في أكثر الأغذية الحيوانية .كما أن كبدنا نفسها تنتج هذا الفيتامين بمساعدة المادة الملونة الصفراء والخضراء المتواجدة في مختلف النباتات مثل:وينتشر الفائض من فيتامين ( أ ) تحت جلد الانسان بحيث يعطيه نعومة ، لذلك ينصح بتناول كأساً من عصير الخضار يومياً ليجعل الجلد غضاً وأسيلاً ، وفي حالة تناول الأطعمة الحاوية لهذا الفتيامين يجب أن تكون مسحوقة جيداً، ويوصى بمضغها بشكلآً جيد . واخيراً من أعظم مصادر هذا الفيتامين زيت كبد الحوت ، الذي يتوفر في الصيدليات على شكل أقراص .الفيتامين B المعروف باسم الفيتامين بلهذا الفيتامين مجموعة من الفيتامينات وهي :الفيتامين ( ب 1 ) ، الفيتامين ( ب 6 ) ، الفيتامين ( ب 12 )· فوائد هذا الفيتامين : تلعب هذه المجموعة دوراً هاماً في نشاط جسم الانسان ، وبريق عيونه ومرونة الأعصاب ، وفاعلية الدماغ ، وترميم الخلايا والأنسجه التالفة .الفيتامين C المعروف باسم الفيتامين ج أو حمض الأسكوربيك· فوائد هذا الفيتامين : يزيد من تألق لون البشره ولمعانها ، ويعزز قوة الجسم ويصلح ما يفسده الدهر ، وهو ضروري للنمو الخلايا ، كما يساعد على التئام الجروح . ومن أولى علامات نقصه في الجسم حدوث نزيف دموي في اللثة .من الضروري الانتباه إلى إن هذا الفيتامين يفسد بالطبخ أو بطريقة حفظه ، لذا يجب أن نحصل عليه بكميات كبيرة من الأطعمة النيئة والطازجة ، مثل عصير الليمون الطازج والخضراوات النيئة وعصير الخضراوات والفواكه الطازجة .الفيتامين D المعروف باسم الفيتامين دفوائد هذا الفيتامين : يطلق الباحثين على هذا الفيتامين اسم فيتامين الجمال ، نظراً لاننا بواسطته نكسب الانسجام بين استدارة الوجه وحسن تقاطيعه ، كما نكسب بياض الأسنان. فإذا كان لديك نخر في الأسنان أو نزف في اللثة أو إذا كانت أعصابك متوترة بلا انقطاع فهذا مرده إلى نقص في فيتامين د .الفيتامين E المعروف باسم الفيتامين هـ· فوائد هذا الفيتامين : يعتبر هذا الفيتامين جوهري لقيام الغدة النخامية بوظائفها الهامة وهي النمو والإخصاب ، لذلك يستخدم في حالات إسقاط الأجنة وفي بعض حالات الشلل وللاجتناب عسر الولادة . لذلك ينصح الأم الحامل أن تأكل الخبز الكامل (الأسمر) ، وأن تضيف إلى طعامها القمح المستنبت حديثاً كي لا يحدث لديها الإجهاض .الفيتامين K المعروف باسم الفيتامين ك· فوائد هذا الفيتامين : إن هذا الفيتامين ضروري لمنع النزيف والإسراع بالتئام الجروح ونقصه في الجسم يجعل إفراز المرارة غير طبيعي .· مصادر الفيتامين ( ك ) :إن أغنى مصادر هذا الفيتامين هي الأوراق الخضراء في النباتات .الفيتامين P· فوائد هذا الفيتامين : يلعب هذا الفتيامين دوراً هاماً في الوقاية من النزيف ، كما يساعد في خفض التصلب الشرياني .· مصادر الفيتامين ( P ) : يتوفر هذا الفتيامين في جميع أنواع الفلفل الأخضر ، وعصير الليمون ، وأحسن مورد له قشرة الليمون الصفراء الخارجية .الأملاح المعدنيةللمعادن شأن كبير في دوام حياة الإنسان علما بأن جسم الإنسان يتركب من عناصر مختلفة من معادن وأشباه المعادن، لذلك فهو بحاجة مستمرة إلى تلك العناصر الضرورية ولا سبيل الى تدارك احتياجاته، إلا من الهواء والماء والغذاء، وما يمكن ان يصنعه من نفسه. إن العضلات والأعضاء المختلفة لا تؤدي وظائفها على الوجه الأكمل، إلا في حال وجود مقادير معينة من هذه العناصر، وقد تبين من البحوث الفسيولوجية على الإنسان أن حرمان الجسم منها حرماناً تاما لمدة شهر كامل يجعل الوفاة حتمية، حتى لو كان الجسم يحصل على غذائه من جميع العناصر الأخرى، أما إذا حرم الجسم من تناول أحد الأملاح كليا أو جزئيا فان الجسم قد يتداركه ذاتيا ان أمكنه ذلك، كحرمانه من مادة الكالسيوم العضوية مثلا تعمل على انتزاع هذا العنصر من العظام والأسنان أو يصاب الإنسان ببعض الأعراض الدالة على هذا النقص.فوائد أملاح المعادن1. حفظ كثافة الدم والإفرازات والسوائل. 2. تنظيم التفاعلات الكيميائية في الجسم. 3. المحافظة على محتويات القناة الهضمية من التخمر والتعفن. 4. مساعدة الجسم في بناء الأنسجة من عظام، أسنان، غضاريف وعضلات. 5. إكساب السوائل خاصية الإنتشار في الجسم والحفاظ على ضغطها. 6. إكساب الدم خاصية التجلط عند اللزوم. 7. تكوين المادة الصباغية في الدم (هيموغلوبين). 8. إكساب المرونة للأنسجة. وغير ذلك من الخصائص التي لا يمكن حصرها من أجل المحافظة على سلامة الجسم، فالكالسيوم والفوسفور، والمغنيزيوم مثلا عناصر ضرورية لتكوين العظام والأسنان، عدا عن فوائدها المختلفة في الجسم. كما يعتمد في تركيب الخلايا الحية للعضلات والأنسجة المختلفة وكريات الدم الحمراء وغيرها على وجود الحديد والكبريت، والفوسفور...الخ، ولا بد لتكوين سوائل الجسم الداخلية من وجود الأملاح المعدنية القابلة للذوبان كأملاح الصوديوم والبوتاسيوم. كما أن العضلات والأعضاء المختلفة لا تؤدي وظائفها على الوجه الأكمل، إلا في حال وجود مقادير معينة من هذه العناصر، وقد تبين من البحوث الفيزيولوجية بأن حرمان الجسم منها حرمانا تاما لمدة شهر كامل، يجعل الوفاة حتمية حتى لو كان الجسم يحصل على غذائه من جميع العناصر الأخرى. أما إذا حرم الجسم من تناول أحد الأملاح كليا أو جزئيا فان الجسم قد يتداركه ذاتيا ان أمكنه ذلك، كحرمانه من مادة الكالسيوم العضوية مثلا تعمل على انتزاع هذا العنصر من العظام والأسنان أو يصاب الإنسان ببعض الأعراض الدالة على هذا النقص.الرياضةللأملاح فائدة عظيمة للرياضيين، وقد دخلت في وجبات الرياضيين سواء أثناء التدريبات أو المنافسات الرسمية، لما لها من طاقة كبيرة عند احتراقها، وتقليل التعب عند الرياضي، وزيادة أداء العضلات، كذلك تقليل نخر العظام وزيادة كرات الدم الحمراء، وتالياً الاحتياجات اليومية والفائدة والمصدر لخمسة أملاح هي الرئيسية:الكالسيوم- الاحتياج اليومي: 2 غم. - يساعد على هدوء الأعصاب المتوترة، ويمنع توتر العضلات، لذلك فنقصه يؤدى إلى عصبية مزعجة تحول دون زيادة الوزن ونمو الجسم بشكل طبيعي. - يدخل في تركيب العظام والأسنان ويساعد في النمو الطبيعي. - الأطعمة الغنية به: اللبن ومنتجاته، الأسماك، السلمون، العسل الأسود، البيض، السبانخ، الملوخية، الكرنب، القرنبيط، الجرجير، ورق العنب، والبليلة.الماغنسيوم- الاحتياج اليومي: 400 ملليجرام. - من أعظم الأملاح في منح الأعصاب هدوءها ومنع توتر العضلات. - يقلل الأرق والقلق مما يساعد على زيادة الوزن. - الأطعمة الغنية به: الكاكاو، الشيكولاتة، المكسرات، الحبوب الكاملة، الخضراوات الطازجة، التمر، الكابوريا، العدس، الفول المدمس، والسبانخ.الحديد- الاحتياج اليومي: 18-20 ملغم. - من العناصر المهمة في تخليق هيموجلوبين الدم.. ولذلك يمنع حدوث فقر الدم لدى النحفاء، ويحافظ على نشاط الجسم وحيويته ويعطى للوجه بريقه وحمرته. - الأطعمة الغنية به: الكبد والكلاوي، اللحوم، العسل الأسود، السبانخ، الملوخية، الفول المدمس، التين، العنب، البلح، اللوز، الفستق، العدس، صفار البيض، الفاصوليا، الشمام، والجرجير، والمكسرات والخضروات وخاصة أوراقها.البوتاسيوم- الاحتياج اليومي: 3-5 جرامات. - يمنع تشنج العضلات. - يقلل من التوتر والهياج. - يساعد على النوم الهادئ. - يمنع الاضطرابات الهضمية. - الأطعمة الغنية به: التين، البرقوق، البطاطس، الفاصوليا، الموز، الكبد، الدواجن، السلمون، العسل الأسود، السوداني، اللبن، البطاطا، عصير الفواكه، والخضراوات.الزنك والنحاس- الاحتياج اليومي: 30-80 ملغم، 3 ملغم. - يساعد الزنك والنحاس في حسن تذوق الطعام. - فتح الشهية، لذلك يفضل إعطاؤه للنحفاء. - يدخل الزنك في كثير من الإنزيمات التي تساعد في عملية التمثيل الغذائي للمواد الكربوهيدراتية. - الأطعمة الغنية به: المحارات، الأسماك، الكابوريا، التونة، الجمبرى، اللحم البقري ومنتجاته، جنين القمح، الخضراوات، اللوبيا، المكسرات، والشيكولاته

التعايش بين الاديان

ليس ثمّة أبلغ وأوفى بالقصد من الآية الكريمة { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم }(23)، في الدلالة على عمق مبدأ التعايش في مفهوم الإسلام. ذلك أن المساحة المشتركة بين المسلمين وأهل الكتاب مساحة واسعة، وإذا كان الإسلام قد جعل في قلوب المسلمين متسعاً للتعايش مع بني الإنسان كافّة، ففيه من باب أولى، متسعٌ للتعايش بين المؤمنين باللَّه، وإن كان هذا التعايش لا يعني أننا متفقون في كل شيء، فإذا اشترطتُ ألا أبذل الحسنى إلاَّ لمن كان مثلى تماماً (مسلماً أم غير مسلم)، فمعنى ذلك أنني لا أحب إلاَّ نفسي، وأن الاختلاف معناه العداوة(24).إن التعايش في الإسلام ينطلق من قاعدة عقائدية، وهو ذو جذور إيمانية،ولذلك فإن مفهوم التعايش من منظور الإسلام ليس هو من جملة المفاهيم الوضعية الحديثة التي صيغت منها قواعد القانون الدولي. إن المسلم يعتقد أن الهدي الإلهي جاء عبر سلسلة طويلة من الرسالات والنبوات آخر حلقاتها اليهوديةُ، فالمسيحية، فالإسلام، فمن الطبيعي إذن أن تكون هذه الأديان الثلاثة أقرب إلى بعضها بعضاً منها إلى سائر الأديان، ويسمى القرآن المسيحيين واليهود (أهل الكتاب)،لأنَّ اللَّه سبحانه وتعالى أنزل التوراة على موسى والإنجيل على عيسى عليهما السلام، قبل أن يتلقى محمد عليه الصلاة والسلام، الرسالة في اكتمالها مصدِّقةً لما بين يديها، ومصوِّبةً ومصحِّحةً ومفصِّلةً أمور الشريعة والقانون بجانب العبادات والأخلاق، فنزل القرآن الكريم وهو الوحيد الباقي على أصله الذي نزل به في لغته الأصلية كلمةً بكلمة وحرفاً بحرف(25).ومن أبرز مظاهر التعايش الذي ساد الحضارة الإسلامية عبر العصور، أن الإسلام يعتبر اليهود والنصارى أهلَ ديانةٍ سماويةٍ حتى وإن لم يكن هذا الاعتبار متبادلاً. وعلى الرّغم من أن عدم الإيمان بنبوة محمد عليه الصلاة والسلام، هو عندنا أمرٌ عظيمٌ وشأن خطير، بل هو أمرٌ فارقٌ، فإن الإسلام قد استوعب هذا الخلاف، لا بالتهوين من أمره، أو المهادنة العقيدية له، ولكنه بما رسمه في باب المعاملات من تعاليم تسمح بالتواصل والتراحم رغم خلاف المعتقد(26).والتسامح في المنظور الإسلامي هو ثمرة التصوّر الإسلامي للإنسان الذي يقوم على أساس معيارين اثنين، أولهما تحديد غاية الوجود الإنساني، التي يتخذ الإنسان الأسباب لتحقيقها، ومن ثم الالتزام بالأسباب التي تتواءم مع هذه الغاية ولا تصادمها، وثانيهما هو مدُّ الوعي بالوجود الإنساني إلى ما وراء الحياة الدنيا القصيرة الفانية، إلى الحياة الخالدة الباقية. لقد خلق اللَّه الإنسان لأهداف أخرى غير التي خلق الحيوان من أجلها، ولم يكن خلقه مجرد إضافة حيوان جديد إلى قائمة الحيوان، إنما كان إيجاد جنس آخر من الخلق، خلقه اللَّه بقدرته، ليعبد اللَّه على وعي، ويعمر الأرض بمقتضى المنهج الرباني، ومن أجل هذه الغاية وهب له ما وهب من المزايا، وأنزل الكتب لهدايته على أيدي الرسل الكرام صلوات اللَّه وسلامه عليهم، وكان من أهداف إرسال الرسل وإنزال الكتب أن يقوم الناس بالقسط(27).ومن ضروب القسط أن يسود التعايش بين الأمم والشعوب، بالمعنى الراقي للتعايش الذي يقوم على أساس العدل في المعاملة، والمساواة في العلاقة. وبهذا المعنى فهم المسلمون القسط في قوله تعالى { لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط }(28). وقد طبق المسلمون القسط على المستوى اللائق بالإنسان، سواء في معاملة من لا يؤمن بالإسلام وبمبادئه، أو في نظافة المجتمع من الفاحشة، أو في الخدمات الإنسانية التي تقدم للناس، أو في التعاون على البر والتقوى. ويشهد التاريخ أن معاملة المسلمين لغير المسلمين في البلاد المفتوحة كانت مثالاً رائعاً من التسامح لا مثيل له في التاريخ، ويتضح مدى نبله بالمقارنة مع وضع الأقليات الإسلامية التي تقع تحت سيطرة اليهود والنصارى والمشركين عامة(29).ولعلَّ من أكبر الأدلّة وأقوى الحجج على قيام الحضارة الإسلامية عبر العصور على أساسٍ متينٍ من التسامح في أسطع معانيه، هو تعايش المسلمين مع أهل الديانات والملل والعقائد في البلدان التي فتحوها خلال هذه القرون المتطاولة. ولو ذهبنا نستقرئ شواهد التاريخ، لما استطعنا أن نحصر في بحث محدود المجال، الأمثلةَ الحيَّةَ على التعايش الإسلامي العديم المثال مع أهل الأديان جميعاً، السماوية منها، وغير السماوية، في حين لا نجد أيَّ مظهر من مظاهر التسامح والتعايش في أدنى مستوياته، لدى غير المسلمين.ولنا أن نقارن بين مشهدين من المشاهد المؤثّرة في التاريخ الإنساني، الأول هو دخول الخليفة عمر بن الخطاب إلى بيت المقدس فاتحاً، والثاني هو استيلاء القائدين الصليبيين (جودفري) و(تانكرد) على القدس. وننقل عن المؤرخ (تيلور) ما رواه في كتابه (عقل القرون الوسطى) عن المشهد الثاني على لسان أحد القساوسة الذين شاهدوا المدينة بعد استيلاء الصليبيين عليها، وهو القس (ريموند الأجيلي)، فيقول : >... وشاهدنا أشياء عجيبة إذ قطعت رؤوس عدد كبير من المسلمين، وقتل غيرهم رمياً بالسهام، أو أُرغموا على أن يلقوا بأنفسهم من فوق القلاع، وعذّب آخرون أياماً عدة ثم ألقوا في النيران، وكانت الطرقات مليئة بأكوام الرؤوس والأيدي والأقدام، وكان الإنسان أينما ركب جواده وسار، يسير بين جثثَ الخيل والآدميين<(30).أما المؤرخ (ول ديورانت) فيروي في موسوعته (قصة الحضارة) عن بعض المعاصرين لهذه الحملة قولهم : >إن النساء كنَّ يقتلن طعناً بالسيوف والحراب، والأطفال الرضع يختطفون بأرجلهم من أثداء أمهاتهم ويُقذف بهم من فوق الأسوار، أو تُهشم رؤوسهم بدقّها بالعُمُد. وذُبح السبعون ألفاً من المسلمين الذين بقوا في المدينة<(31).ونحن لا نسوق هذه الشواهد التاريخية، إلاَّ لنؤكّد على أن التسامح في الإسلام أصلٌ أصيل، وأن التعايش بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الكتاب، مبدأ ثابت من المبادئ التي قامت عليها الحضارة الإسلامية، لا يدفعنا إلى ذلك الرغبة في إنكاء الجراح واستحضار مساوئ التاريخ، إنما يحفزنا إلى الرجوع إلى صحائف التاريخ المشترك بين المسلمين وبين غيرهم من أهل الأديان والشرائع والملل، حرصنا الأكيد على أن نوضّح، وبقدرما نستطيع إلى ذلك سبيلاً، أن التعايش هو قيمة من القيم التي اصطبغت بها الحضارة الإسلامية عبر الأحقاب.أما ما وقع عند دخول الخليفة عمر رضي اللَّه عنه إلى بيت المقدس، فهو صورة مشرقة للتسامح الإسلامي الذي رسَّخَ قاعدة التعايش الديني والحضاري الثقافي، فقد دخل عمر بيت المقدس، فتلقاه البطريرك وطاف معه أرجاء المدينة حتى دخل كنيسة القيامة، فلما حان وقت الصلاة، قال للبطريرك : أريد الصلاة، فقال له : صلِّ في موضعك، وكان في قلب الكنيسة، فأبى خشيةَ أن يقتدي به المسلمون، ويقولون هنا صلَّى عمر، فصارت الصلاة لنا في داخلها حقاً، وقد يؤول بهم الأمر إلى الاستيلاء على الكنيسة مخالفين بذلك ما نُصَّ عليه في العهد العُمَري(32) من احترام كنائسهم وتركها بأيديهم، على مظنة أن ما فعله عمر بموافقة البطريرك، تعديلٌ لما شرط في العهد. بل إن عمر خرج وصلى على درج باب الكنيسة، وبعد أن انتهى من صلاته، كتب أمراً بأن لا تُقام في هذا المكان صلاة جماعة، ولا يؤذّن فيه مؤذّن، ثم أتى عمر الصخرة فبنى عليها مسجد الصخرة(33).وكما سلفت الإشارة، فإنَّ العبرة من رواية هذا الجانب من تاريخ العلاقات الإسلامية ـ المسيحية، تكمن في تنوير العقل بحقيقة تاريخية شديدة الوضوح، وهي أن التسامح في الإسلام هو عقيدة ثابتة وسلوك راقٍ، بل هو منهج حياة طبَّقه المسلمون في حياتهم الخاصة والعامة، فكان تعاملهم مع غيرهم من أتباع الديانات الأخرى، مثالاً رفيعاً عزَّ نظيرُه للتعايش. وهو الأمر الذي يؤكد بما لا يرقى إليه الشك، أن المسلمين رواد التعايش، وأنهم يملكون، وفي كل الأحوال، استعداداً ذاتياً ليتعايشوا مع من يرغب من أهل الأديان والشرائع والملل والعقائد، في أن يتعايش معهم، من دون أن يكون هذا الاستعداد، تفريطاً في خاصية من خصائص هويتهم، أو تخلياً عن معتقد من معتقداتهم، أو تنازلاً عن حق من حقوقهم. وإنما هو تعايُشٌ يخدم أغراضاً إنسانية سامية، من خلال التفاهم والتعاون والعمل المشترك في الميادين التي تحقّق هذه الأغراض

التغذية السليمة


التغذية السليمة تحقِّق منافع عظيمة: فالأشخاص الذين يتغذّون جيداً يتمتعون عموماً بصحة سليمة عفيَّة. والنساء اللواتي يتمتعن بالصحة يستطعن العيش حياة تبعث على الرضا والسرور في النفس، والأطفال الأصحاء يتعلمون أكثر داخل المدرسة وخارجها. فالتغذية الجيدة إذن تفيد الأُسَر والمجتمعات التي تعيش فيها والعالم بأسره.وبالمنطق ذاته، فإن سوءَ التغذية مُدمِّرٌ. فهو يُسهم جزئياً في أكثر من نصف جميع الوفيات على مستوى العالم، كما يؤدي إلى إدامة حالة الفقر. وسوء التغذية يُوهن الفكر والعقل، ويستنزف إنتاجية كل شخص يمسّه.ولا يعتمد الأمن التغذويّ للأسرة على الغذاء الصحي فحسب، بل يعتمد أيضاً على مخزون الغذاء وإعداده والتّغذي به، وعلى المُغذِّيات الدقيقة، والخدمات الصحية الأساسية، والمياه المأمونة والصرف الصحي والصحة العامة الجيدة. وبالنسبة للرُّضّع وصغار الأطفال، فإن الأمن التغذويّ يعني أيضاً الرضاعة الطبيعية الخالصة منذ ولادة الطفل وحتى بلوغه 6 أشهر ثم الاستمرار في إرضاع الطفل رضاعة طبيعية لمدة سنتين أو أكثر مع إعطائه أغذية تكميلية ملائمة لتعزيز نموه وتطوره.وقد عملت اليونيسيف منذ تأسيسها على المساعدة في التأكد من حصول كل طفل على التغذية الجيدة. وهي تقوم بذلك لأن التغذية السليمة حق للطفل، وتساعد الأطفال على النمو بقوة كأفراد. والتغذية السليمة تساعد على توفير أفضل بداية للحياة لكل طفلأن التغذية ونقصد هنا التغذية السليمة شيئا ضروريا لنمو الإنسان واستمرار حياته بل والحفاظ على صحته. فالغذاء بمثابة الوقود الذي يحركنا، ولابد أ ن تكون المواد الغذائية التي يتناولها كل فرد متكاملة ومتنوعة وبكميات ملائمة بحيث لا يتعرض الإنسان إلى مشاكل صحية كثيرة ومنها:أمراض القلب - مرض السكر - نزيف المخ - مسامية العظام - بعض الأنواع من السرطانات، كما أن العادات التي يتبعها الشخص طيلة حياته تبدأ منذ الطفولة ومن الصعب تغييرها في الكبر لذلك لابد من تنشئة الأطفال على عادات غذائية سليمةوتختلف طبيعة النظام الغذائي الذي يحتاجه الطفل عن الذي يحتاجه الشخص البالغ بل وعن كبار السن فلكل واحد منهم احتياجاته الخاصة من المواد الغذائية. للتعرف على النظام الغذائي السليم لابد من التعرض للعلاقات المتداخلة بين العناصر التالي ذكرها والذي يكون عنصر التغذية هو القاسم المشترك فيها بالطبع:التغذية و الأطفالالتغذية و الشبابالتغذية و كبار السنالعلاقة بين التغذية والنشاط الرياضي والإصابة بالأمراضالهرم الغذائيوسوف نتعرض هنا بشيء من التفصيل للعلاقة بين التغذية والنشاط الرياضي والإصابة بالأمراض، والهرم الغذائي على النحو التالي:أولا: العلاقة بين التغذية السليمة والنشاط الرياضي والإصابة بالأمراض:هناك علاقة وطيدة بين الأمراض المزمنة وبين ما يمارسه الإنسان من عادات سواء أكانت تتصل بالطعام أو بممارسة النشاط الرياضي الجسماني حيث أنهما متلازمان، وممارسة أي نشاط رياضي يخضع لعوامل عديدة مثل: السن والنوع والمستوى الاجتماعي. يمارس الرجال الرياضة اكثر من السيدات وكلما تقدم العمر بالإنسان تقل ممارسته للنشاط الرياضي ويقل أيضا بين من لهم دخل أقل ومستوى تعليم منخفض ومن الفوائد التي تعود على الشخص عند ممارسته أي نشاط رياضي: قلة التعرض للإصابة بأمراض القلب - الموت المبكر - العجز - سرطان القولون - مرض السكر - أمراض ضغط الدم، كما يساعدنا على التحكم في الوزن والمحافظة على عظام الجسم والعضلات والمفاصل ويقلل الإصابة بالقلق والإحباط، وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من التهاب المفاصل فان النشاط الرياضي يساعدهم على التخلص من الألم بل وعودة المفاصل إلى حركتها الطبيعية. ولكي تتحقق الاستفادة المثلى من أي نشاط رياضي لا يشترط بالضرورة الإفراط في ممارسته ولكن الاعتدال يحقق أقصى استفادة ممكنة للإنسان ومنها على سبيل المثال: المشي الخفيف نصف ساعة في اليوم خمس مرات أو أكثر في الأسبوع.ثانيا: الهرم الغذائي:يحتوى الهرم الغذائي على المجموعات الغذائية الخمس الرئيسية التي يجب على كل شخص الالتزام والعمل بها. وهذا الهرم هو بمثابة المرشد الذي يدلنا على الكميات الصحية التي يجب تناولها من الأغذية، ونجد أن هذه المجموعات الغذائية الخمس تمد جسم بالمواد الغذائية اللازمة لبناء ونمو جسمه ولا تحل أي مجموعة منها محل الأخرى لان لكل واحدة منها فائدة مختلفة وتتكون هذه المجموعات الخمس من:مجموعة اللحوم، الطيور، الأسماكمجموعة الألبان، الزبادي، الجبنمجموعة الخضراواتمجموعة الفاكهةمجموعة الخبز، الحبوب، الأرز، المكرونةوتحتل الدهون، والزيوت، والحلوى قمة الهرم وينصح خبراء التغذية باستخدام أطعمة هذه المجموعة بحذر شديد وعلى نحو مقتصد وتتمثل في الأطعمة التالية: التوابل، الزيوت، الكريمة، الزبد، السمن النباتي، السكريات، المياه الغازية. وهى تمد الجسم بسعرات حرارية أكثر من إمدادها بالمواد المغذيةوتعتبر مجموعة اللحوم والألبان مصدر البروتينيات والكالسيوم والحديد والزنك. وبالنسبة للمجموعة النباتية والتي تشتمل على الخضراوات والفاكهة فهي تمد الجسم بالفيتامينات والمعادن والألياف وتشمل قاعدة الهرم مجموعة الخبز والحبوب والأرز والمكرونة، وتمد الجسم بما يحتاجه من البروتينيات والمواد الكربوهيدراتية كيف يمكنك تحديد مقدار ما تحتاجه من كل مجموعة غذائية؟ ستجد الإجابة في الهرم الغذائي فهو يحدد لك النسبة المثالية التي يجب تناولها من كل مجموعة، وتستخدم هذه النسب كمرشد قياسي عام لباقي أنواع الأطعمة لأنه يتناول الأطعمة الأكثر شيوعا في الاستخدام والتي نقيس عليها باقي الأنواع، وإذا ضاعفت المقدار الذي تتناوله من هذه الأطعمة فسيكون ذلك بمثابة تعدى للمقدار المحدد لك والذي سينتج عنه الزيادة في الوزن وارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم والسمنة وغيرها من الأمراض الأخرى. وقد يسأل البعض عن ما إذا كان الالتزام بهذه النسب هي الطريقة المثلى لفقد الوزن ستكون الإجابة بالطبع: بلى! إلي جانب اختيار الأطعمة التي بها نسبة دهون أقل مع تقليل المواد النشوية والسكرية والشيء الأهم من ذلك كله هو ممارسة أي نشاط رياضي، أما بالنسبة لزيادة الوزن فهي تتطلب مضاعفة النسب المحددة في الهرم الغذائي وإذا كان النقصان يرجع إلى عدم تناول المواد الغذائية بشكل متكامل وعلى نحو متزايد عليك حينئذ باستشارة الطبيب وهناك نصائح بسيطة والتي من السهل على أي شخص اتباعها لكي يتمتع بصحة أفضل ويقلل من مخاطر التعرض لأية أمراض مع الالتزام بنسب الأطعمة في الهرم الغذائي:أكل أصناف متنوعة من الأطعمة للحصول على الطاقة والبروتينيات والفيتامينات والمعادن والأليافالاعتدال في تناول المواد السكرية لان ضررها أقل من نفعها فهي تمد الجسم بسعرات حرارية عالية كما تساعد على تسوس الأسنانالاعتدال في تناول الأملاح والصوديوم لتجنب التعرض للضغط العاليالموازنة بين تناول الطعام وبين ممارسة النشاط الرياضيالإكثار من تناول الماء 6-8 أكواب في اليوم الواحد لتجنب الإصابة بالجفاف والإمساكاستمتع بكل ما تأكله من أطعمة وتذوق الجديد منها لكن مع عدم الإفراط فيما تتناولهعليك بالتنويع فيما تمارسه من نشا ط وفيما تتناوله من أطعمة لأنهما اقصر الطرق لحياة صحية سليمةعدم تناول الكحوليات لأنها تؤذى الجسم وتسبب العديد من المشاكل الصحية والحوادث بل تناولها يؤدى إلى إدمانهااختيار الأطعمة قليلة الدهون والكوليسترول لتخفيف الإصابة بالأزمات القلبية والسرطانات كما تساعد على الاحتفاظ بالوزن المناسبوالذي يوجد أمامنا الآن هو الهرم الغذائي مشتملا على النسب الصحية للمجموعات الغذائية الخمس وربما يتساءل كل واحد منا عن معدل ما يتناوله من هذه النسب، وتكمن الإجابة في مقدار ما يحتاجه جسمك من سعرات حرارية، ووفقا للعوامل الآتية: العمر، والسن، والنوع، والوزن، وما تمارسه من نشاط رياضي وينبغي على كل شخص بعد تحديده للعوامل التي تم ذكرها تناول أقل النسب في الأرقام الموضحة عاليه

الحضارة


تشكِّل الحضارة الإنسانية منذ نشأتها وحتى الآن نسيجاً متعدد الألوان، كلّ خيط فيه - مع احتفاظه بكينونته الخاصة - يعطي بتلاحمه مع بقية الخيوط لهذا النسيج متانته وشكله النهائي، مثله في ذلك كمثل لوحة فسيفساء كل جزء منها مستقل بذاته، ولكن اصطفاف هذه الأجزاء وفق قوانين بنائها يعطي اللوحة النهائية رونقها الخاص الذي يستمد جماليته من تفاعل هذه العناصر مع بعضها البعض.ومع اختلاف العوامل الأنثروبولوجية والجغرافية والاقتصادية لكلّ شعب من الشعوب كان لا بدّ للتجربة الإنسانية من أن تكون متفاوتة في النمو والنضج من منطقة لأخرى ومن زمن لآخر ومن شعب لآخر..وسوف نستهل دراستنا هذه بذكر بعض التعاريف لمفهوم الحضارة:(الحضارة هي أرفع تجمّع ثقافي للبشر وهي أشمل مستوى للهوية الثقافية لا يفوقه من حيث تحديده للهوية الثقافية إلا الذي يميّز الإنسان عن غيره من الأنواع الأخرى، ويمكن تحديدها أو تعريفها بكل العناصر الموضوعية مثل اللغة والتاريخ والدين والعادات والتمايز الذاتي للبشر) (1).(الحضارة هي الدرجة العليا من تباين الوجود الإنساني، وهي ذلك الشيء القادر على إلغاء التناقضات القائمة ما بين المجموعات البشرية ذات الانتماء العرقي والثقافي المختلف، وكذلك بين الشعوب المتطورة وغير المتطورة وبين ماهية السلطة والحاجة إلى نظام عام وهي تتضمن في داخلها الأبعاد التاريخية للواقع وهي التي تعالج قضية الاستخلاف والتعاقب)(2).وهو ما يمكن اختصاره بأنها مجموعة بشرية اجتماعية وثقافية ذات مقاييس وأبعاد كبيرة مقتربين بذلك من مفهوم (توينبي) للحضارة بأنها الشكل الأكثر أصالة وواقعية للمجتمع البشري.ونختم هذه التعاريف بتعريف (وول ديورانت) صاحب (قصة الحضارة):(الحضارة نظام اجتماعي يعين الإنسان على الزيادة من إنتاجه الثقافي وتتكون من عناصر أربعة هي: الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخلقية، والعلوم والفنون.وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمن الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها) (3).لقد اكتشفت الجماعات البشرية منذ فجر التاريخ أنّها كانت موزعة بين اتجاهين أساسيين:- أولهما :انغلاقها على نفسها حفاظاً على كيانها المادي والمعنوي.- ثانيهما: انفتاحها على بعضها البعض لسدّ حاجاتها غير الموجودة عندها أساساً.وعلى تربة هذا التوزع نشأت البراعم الأولية لوظيفة التواصل بين هذه الكيانات الاجتماعية الحضارية، وسوف تتزايد أهمية الهوية الثقافية في المستقبل وسوف يتشكل العالم نتيجة التفاعل بين سبع أو ثماني حضارات كبرى تشمل: الحضارة الإسلامية - الحضارة الغربية - الحضارة الكونفوشيوسية - الحضارة اليابانية - الحضارة الهندوسية - الحضارة الأرثوذكسية السلافية - وحضارة أميركا اللاتينية، كما يمكن إضافة الحضارة الإفريقية إليها.إنَّ الحضارات الإقليمية تمتاز بعمليات تكامل وعمليات تنافس ويمكن تشبيه هذا الاقتران بقانون (وحدة وصراع الأضداد) ومهما تكن الفروقات السائدة بين الفضاءات الإقليمية كثيرة إلا أن هذه الفضاءات تبقى جزءاً من النظام الحضاري العام، وتحمل في طيَّاتها معاييره ومقاييسه حيث يمكن تقييم أيّة حضارة إقليمية انطلاقاً من:1- مكانة الفرد بين الجماعة.2- عملية الارتباط بالحياة (درجة الجبرية والحرية).3- مبدأ قيام السلطة.4- وأخيراً مستوى تغلغل الدين وتأثيره في أمور الحياة العادية والاجتماعية والثقافية.وهو ما أكد عليه بعض العلماء مثل (توينبي، إيكيدا) حيث يقول الأخير: (إنَّ النماذج الدينية هي أساس العمل الإبداعي في خلق الحضارات) (4).بينما عارضه بعض الكتّاب والباحثين مثل برهان غليون الذي يُرجع سبب ظهور فكرة الدولة العلمانية إلى أن:(مفهوم الدولة الحديثة المستندة إلى الدستور والقانون ليس ممكناً في إطار المرجعية الدينية) (5).ولكن الباحث (غليون) يغفل في هذا المستوى التأثر الواضح بما حصل في الغرب عندما انهارت الإمبراطورية البابوية وظهرت الدولة العلمانية وما تبع ذلك من تقليد (كمال أتاتورك) - وهو أحد أهم رموز العلمانية المتطرفة في العالم الإسلامي في بداية القرن العشرين - للنموذج الغربي، مع فارق أساسي وكبير وهو أن التحول إلى الدولة العلمانية في أوربا كان من منطلق القوة والاختيار المرتكز إلى تنظير فلسفي وسياسي عميق، بينما كان عند المسلمين مجرد تقليد لا يستند إلى اختيار أو تنظير مستقل، وبالتالي فإن ظهور الدولة العلمانية في العالمالإسلامي كان بسبب فشل الدولة العثمانية في كل الاتجاهات وما رافق ذلك من حالة تخلف وجمود، وليس بسبب أن مفهوم الدولة الحديثة المستندة إلى الدستور والقانون غير ممكن في إطار المرجعية الدينية.تُعدّ مشكلة العلاقة بين العامل الحضاري والتشكيلة الحضارية من أكثر المشكلات حضوراً لدى محاولتنا إدراك أهمية ودور الحضارة في التاريخ الإنساني، فتبدو الحضارة وكأنها مكوَّنة من طبقتين أساسيِّتين متداخلتين فيما بينهما: (الطبقة الماديِّة - والطبقة اللاماديِّة) واللتان لا يمكن إدراك إحداهما إلا في سياق الأخرى؛ وهنا تبرز بصورة هامّة وملحّة عملية ربط النظري بالتطبيق، وترجمة الأفكار إلى سلوكيات يومية تساهم في إبراز الهوية الحضارية لمجتمع يسعى إلى ترسيخ قيمه الحضارية وتعزيزها، وهذا أمر يجمع عليه كلّ المهتمين بالخط التصاعدي لتطور هذا المجتمع، يقول ألكسيس كاريل: (إنّ علمنا بالحياة وكيف يجب أن يعيش الإنسان، متأخر جدّاً عن علمنا بالماديّات، وهذا التأخر هو الذي جنى علينا) (6).ومن هنا فإن أي تخلف في عالم القيم عن عالم الوسائل من شأنه أن ينحرف بثمرات الإبداع المادي عن كونها وسائل بناء وإعمار لحضارة إنسانية مستقرة وآمنة، إلى وسائل دمار وفناءآليات التواصل الحضاري..(هنالك أربع وسائط لتحقيق التواصل الحضاري بين الجماعات البشرية وهي: التجارة، والحرب، والحمل، والتعرض والتعريض) (7).إنّ مفهومي التجارة والحرب واضحان بلا شك.أمَّا مفهوم الحمل فالمقصود به هو: تحرَّك الأفراد بين الكيانات الحضارية حاملين معهم بعض منتجات حضارتهم (المادية والمعنوية) إلى حيث يقصدون ومن ثم يعودون من المناطق الحضارية التي زاروها، وقد جلبوا معهم منتجات طريفة يقدمونها إلى مجتمعاتهم.بينما المقصود من مفهوم التعرض والتعريض الإشارة إلى فئة واسعة من نشاط أجهزة الإعلام في الدولة الحديثة وكذلك المعارض والمؤتمرات والمهرجانات وزيارات الفرق الفنية والعلماء والأكاديميين، كما يتضمن هذا المفهوم أنشطة الترجمة بجميع أشكالها ومستوياتها.- نلاحظ من تعريف التواصل أنه ينطوي على توافر عناصر التبادل بين الأطراف المعنية وإن كان هذا لا ينطبق على مفهوم الحرب للوهلة الأولى ولكن في الأغلب ينتهي الأمر بها (أي الحرب) إلى تبادل الأخذ والعطاء بين الغالب والمغلوب.وإننا إذ ننظر إلى مفهوم التواصل بعين الرضا فإن هذا لا يعني أننا نقبل بجميع الوسائط التي يتمُّ بها هذا التواصل، بل يجب علينا الاستفادة من الجوانب الخيّرة فيه وترك الجوانب السيِّئة، وهنا تبرز عقلانيِّة المتلقّي في اختيار ما يُعرض عليه من منتجات الحضارات الأخرى، وتمييزه ما يناسب ظروف حضارته، وما يمكن أن يساهم في تطوير هذه الحضارة بعيداً عن انفعالاته العاطفيِّة غير المدروسة واتّخاذ المواقف المتسرّعة ورفض كل ما هو جديد حتى دون أن يكلف نفسه عناء الاطلاع والدراسة.فمنذ فجر الإسلام - مثلاً - وضع المسلمون هذا المنهاج في التواصل الحضاري، حيث أخذوا من تجارب وقواعد وتراتيب الحضارات الأخرى (المشترك الإنساني العام) وأضافوه إلى (الخصوصيات الإسلامية) التي تَمَيّز بها منهاج الرسالة الإسلامية الخاتمة، فاختاروا (التواصل الحضاري) من موقع الراشد المستقل رافضين التبعية والتشبه والتقليد وكذلك العزلة والانغلاق، صنعوا ذلك عندما أخذوا عن الرومان (تدوين الدواوين) ولم يأخذوا (القانون الروماني) استغناءً بالشريعة الإسلامية المتميزة.. وعندما أخذوا عن الهند (الفلك والحساب) لم يأخذوا فلسفة الهند، استغناءً بـ (التوحيد) فلسفة الإسلام.إن حسن الاختيار يكون بتنمية وإنضاج الفكر العام، وتطوير الحس النقدي عند المواطنين بعيداً عن أساليب الوصاية والقمع والإجبار.عندئذٍ نستطيع حصر المشكلة التي يمكن أن تواجهنا في عملية التواصل الحضاري، في طريقة هذا التواصل وليست في مبدئه، وبالتالي فإن الجهود الأساسية يجب أنْ تنصبَّ على اختيار الأسلوب الأنسب لتحقيق هذا التواصل دون أن نرفضه نهائياً.وفي مقابل عملية التواصل الحضاري يمكن أن تنشأ حالات صراع بين الحضارات وهذه الصراعات غالباً ما تنشأ نتيجة عوامل يمكن تلخيصها ضمن الأطر التالية:- إنّ التباينات بين الحضارات أساسيِّة فهي تختلف عن بعضها البعض بفعل اللغة والتاريخ والثقافة والتقاليد والأكثر أهميِّة من ذلك اختلافها في عامل الدين.- إنّ عملية التواصل الحضاري المصاحبة لهذا التطور الهائل في وسائل الاتصال والصناعات التكنولوجية، تجعل العالم ينحصر في بقعة لا تنفكّ تصغر شيئاً فشيئاً، وبالتالي فإن التفاعل بين هذه الحضارات سوف يزداد ويتكثّف.- إنّ عملية التحديث الاقتصادي والتغيير الاجتماعي في مختلف أنحاء العالم تنتزع الناس من هويِّاتهم المحليِّة طويلة الأمد وتُضعف الدولة القومية كمصدر للهوية، وهنا يتقدّم الدين غالباً لسدّ هذه الفجوات؛ مؤدياً ذلك في بعض الأحيان إلى ظهور بعض الحركات الأصولية.- كما أنه لا يمكن إنكار العامل السيكولوجي للشعوب في قبول أو رفض الآخر أو حتى في فرض طريقة التعامل معه، خاصّة إذا ما دُعّم هذا العامل بالعامل العرقي.ففي المرحلة الأولى - مثلاً - من الاحتكاك الثقافي بين الإسلام والغرب كانت هنالك حالة من التفاعل الثقافي، ولم تتضمن هذه الحالة أهدافاً سلطوية على المستويين الفكري والسياسي، رغم أن العالم الإسلامي كان في ذروة تألّقه الثقافي والسياسي والعسكري، في مقابل التخلف الذي كان يسود الغرب، وذلك فيما سُمِّي (العصر الوسيط)، وإن ما أخذه الغرب من المسلمين كان في إطار المشتركات العامّة وبالتالي لم تحدث تبعية للعالم الإسلامي، على عكس ما حدث لاحقاً حينما انقلبت المعادلة.إنّ منهج الغرب الجديد في تعرُّفه على الإسلام والمسلمين قد أخذ يتبلور من خلال الخلفية الاستشراقية بمختلف اتّجاهاتها وخاصة في مجال علم الاجتماع والأنثربولوجيا وصولاً إلى قاعدةالتفوق السياسي العسكري.(إنّ الغرب في إطار ذلك أصبح يُمثّل - كما يقول مفكروه - (الذات) و(العقل) و(القوّة) و(الحقيقة) و(المركز)، بينما العالم الإسلامي بالنسبة له يُمثّل (الآخر) و(الجنون) و(الضعف) و(التمثيل) و(الأطراف).وهذا المنهج الاستكباري الفوقي سمح للغرب باستخدام مختلف أساليب الغزو والسيطرة والنهب تجاه العالم الإسلامي(8) فاستخدم الغرب أوّلاً أساليب القوة العسكرية حيث قامت الإمبراطوريات الاستعمارية (البريطانية - الفرنسية…. وغيرها) وانتشرت على مساحات واسعة، وسيطرت على عدد كبير من الدول، واستنفذت قواها المادية والبشرية، إلا أنّ الوعي الوطني المتنامي في أغلب البلدان التي كانت خاضعة لهذه الدول نجح في استنهاض همم الشعوب لتخوض ثورتها الوطنية حتّى إنهاء الوجود الأجنبي على أراضيها، فلم يجد الاستعمار بُدّاً من الانسحاب من تلك الدول، ولو على الصعيد العسكري فقط، حيث ترك في معظم البلدان التي انسحب منها ذيولاً له، ربط مصالحها بوجوده الاقتصادي - على الأقل - واستمر بذلك بنهب ثروات تلك البلدان من خلال إخضاعها للتبعية الاقتصادية مستخدماً لذلك عدّة طرق، منها فرض الاقتصاد أحادي الجانب في هذه الدول، ومنعها بشتّى الطرق من إقامة صناعات متطورة، واستغلاله لليد العاملة فيها بأرخص الأثمان.ولم يكتف الاستعمار بذلك حيث التفت إلى ضرورة إتباع هذه السيطرة الاقتصادية بالسيطرة الثقافية، فطرح (بريجنسكي) مستشار الرئيس الأميركي الأسبق (كارتر) في نهاية السبعينات فكرة تعميم قيم المجتمع الأميركي وثقافته على كل دول العالم، وذلك بالاستفادة من السيطرة الأميركية على نسبة عالية من المادة الإعلاميِّة في العالم؛ والخطوة الأولى لهذا التعميم تكون عبر إحكام السيطرة الاقتصادية.وفي العام 1979 بدأت بالظهور في عهد (مارغريت تاتشر) في بريطانيا بوادر نظام جديد ما لبث أن تعهده الرئيس الأميركي (رونالد ريغان) بالعناية وحاول بشتّى الطرق تطويره وتطبيقه، ويعتمد هذا النظام على تهميش دور الدولة في اتّخاذ القرار الاقتصادي وتسليمه تدريجيّاً إلى السوق الحرّة، وهكذا ففي عالم يحكمه رأس المال سوف تتقلص الخيارات السياسية لتحلّ محلها الخيارات الاقتصادية الضيِّقة على مستوى الأفراد والواسعة بلا حدود على مستوى الشركات الكبرى.وفي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات ومع انتهاء الحرب الباردة أخذت ملامح هذا النظام تتطور بصورة سريعة وبدأ يفرض نفسه بقوّة تحت اسم (العولمة

كيف نحمي طبقة الاوزون


يستطيع كل منا أن يساهم في حماية طبقة الأوزون بالطريقة التي يراها مناسبة له وذلك من خلال العديد من الإجراءات مثل :1- عدم شراء منتجات ملطفات الجو أو المبيدات التي تحتوي على المواد المستنفذة لطبقة الأوزون .2- عدم شراء أجهزة الثلاجات أو المكيفات التي تحتوي على المواد المستنفذة لطبقة الأوزون مثل غاز فريون – 12 أو فريون –502 والتأكد عند شراء هذه الأجهزة من أن عليها عبارة " لا تحتوي على كلوروفلوروكاربونات " أو ""NON CFCs .التأكد من أن عامل صيانة جهاز تكييف السيارة يضع الغاز المناسب عند إعادة تعبئة الغاز حيث أن معظم السيارات الجديدة تعمل بغاز غير ضار بطبقة الأوزون يسمى “R-134a “ ، وليس الغاز القديم المسمى “R-12 “ ، علما بأن استبدال الغاز قد يؤدي إلى تلف ضاغط الهواء الخاص بجهاز التكييف. استطاع العلماء أيضا تحديد أنواع هذه الغازات وخواصها واستخداماتها المختلفة.(1)الإطار الدولي لحماية الأوزونوعلى المستوى الدولي وبعد الاقتناع التام بمشكله استنزاف طبقة الأوزون والآثار الخطيرة المترتبة عليها، تم في عام 1985م التوقيع على اتفاقيه فيينا لحماية طبقة الأوزون،تلك الاتفاقية التي أقرت ضرورة تضافر الجهود العالمية في التصدي لمشكلة استنزاف طبقة الأوزون وإيجاد السبل الناجحة لتحقيق ذلك في أسرع وقت ممكن. (2)وعن الإجراءات الوقائية لحفظ طبقة الأوزون قال الأغا لقد جرى في العديد من دول العالم ضغوطا جمة على الحكومات من اجل وضع تشريعات تمنع استخدام هذه المركبات وتقنين تصنيعها حيث دعا كثير من قادة المجتمع المدني إلي مقاطعة الشركات التي تنتج هذه المركبات وأي صناعات أخرى ذات علاقة بها أو قريبة منها وقامت بعض الدول في نهاية السبعينات بالعمل على وقف إنتاج علب الرزاز المتطاير كمزيلات العرق والعطور وغيرها حيث تبين إنها من المستهلكات لهذه المركبات وقد أدى ذلك فعلا إلى انخفاض كبير في إنتاج هذه المواد وبرغم هذا التوقف إلا أن كثير من الشركات الأمريكية لا تزال تنتج كميات من هذه المركبات لاستخدامها في التكييف والعزل وتنظيف الالكترونيات إضافة إلى أن العديد من الدول والشركات لا زالت تستخدمها في صناعات علب الرزاز والعطور وغيره وذلك رغم علمها بالضرر الكبير الذي تسببه.وعن الإجراءات الوقائية المحلية قال الأغا لقد جاء في القانون الفلسطيني رقم(7) لعام 1999 في الفصل الثاني بشان البيئة الهوائية المواد التالية مادة(19) تحدد الوزارة بالتعاون مع الجهات المختصة المقاييس المتعلقة بضبط نسب ملوثات الهواء التي قد تسبب الأذى والضرر للصحة العامة أو الرفاه الاجتماعي أو البيئة، كذلك على كل منشأه تقام في فلسطين أن تلتزم بهذه المقاييس وعلى المنشات القائمة تعديل أوضاعها بما يتفق وهذه المقاييس خلال فترة زمنية لا تزيد على ثلاث سنوات.كذلك على صاحب المنشاة توفير سبل الحماية اللازمة للعاملين تنفيذا لشروط السلامة والصحة المهنية ضد أي تسرب أو انبعاث لأي ملوثات داخل مكان العمل. كذلك يحظر التدخين في وسائل النقل والأماكن العامة المغلقة. ولا يجوز استخدام آلات أو محركات أو مركبات ينتج عنها عادم خلاف المقاييس المحددة بموجب أحكام القانون. ويحظر إلقاء أو معالجة أو حرق القمامة والمخلفات الصلبة إلا في الأماكن المخصصة لذلك ووفقا للشروط المحددة من قبل الوزارة بما يكفل حماية البيئة. وتعمل الوزارة على الحد من استنزاف طبقة الأوزون وفقا لما نصت عليه المعاهدات الدولية التي تلتزم بها فلسطين وذلك باتخاذ الإجراءات المناسبة فيما يتعلق باستيراد أو إنتاج أو استعمال أية مواد كيماوية تسبب ضررا لذلك

شرح الصفات الثلاث عشرة الواجبة لله

الصفة الأولى: الوجودالأصلُ الذي تُبنى عليه العقيدةُ الإسلاميةُ معرفةُ الله ومعرفةُ رسولِهِ، فمعرفةُ الله هو العلمُ بأنه تعالى موجودٌ، فيجب اعتقادُ أنه تعالى موجودٌ في الأزلِ أي لا ابتداءَ لوجودِهِ ، قال تعالى: }أفي الله شَكٌ{ وقال: }هو الأوَّلُ{ أي هو الذي لا ابتداءَ لوجودِهِ، روى البخاريُّ في الصحيحِ والبيهقيُّ وأبو بكرِ بن الجارودِ عن عمرانَ بنِ الحُصينِ أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم جاءَه قومٌ من أهلِ اليمنِ فقالوا: يا رسولَ الله جئناك لنَتَفَقَّهَ في الدينِ ولنسألَكَ عن بدءِ هذا الأمرِ ما كانَ، وفي لفظٍ: "عن أولِ هذا الأمر"، قال: "كان الله ولم يكن شىءٌ غيرُهُ وكان عرشُهُ على الماءِ وكتَبَ في الذّكرِ كُلَّ شىءٍ". كانَ سؤالُهُم عن أولِ العالمِ ثم الرسولُ أجابَهُم بما هو أهَمُّ من ذلِك وهو قولهُ: "كان الله ولم يكن شىءٌ غيرُهُ" أي أن الله موجودٌ في الأزلِ لا ابتداءَ لوجودِهِ ولم يكن في الأزلِ معه شىءٌ أي لا زمانٌ ولا مكانٌ ولا أجرامٌ([5]).وأتبَعَ ذلك جوابَهُم بأن الماءَ والعرشَ وُجِدا قبلَ غيرهِما من المخلوقاتِ فأعلمهُم أن الماء قبل العرشِ لأنه لما قال لهم "وكان عرشُهُ على الماءِ" أفهمَهُم أن الماءَ خُلق قبل العرشِ.وأما معرفةُ الرسولِ فهو العِلمُ بأنهُ مبلغٌ عن الله صادقٌ فيما جاءَ به في الإيجابِ والتحريمِ والإخبارِ عن ما مضى وعما ما سيَحدُثُ في الدنيا والبرزخِ والآخرةِ، فمن جزَمَ بذلك بلا شكٍّ ولا ارتيابٍ فهو عارفٌ بالله ورسولِهِ ومؤمِنٌ بالله ورسولِهِ سواءٌ عرَفَ الدليلَ العقليّ على ذلك أو لم يَعرِف. وضلت المعتزلةُ باشتراطِ معرفَةِ الدليلِ العقليّ لصحةِ الإيمانِ، وأما أهلُ الحقّ فلا يَشتَرطونَ ذلك ولكنهُم يرونَ الاستدلالَ على وجودِ الله تعالى بدليلٍ عقليّ ولو كان إجماليًّا واجبًا، وهذا الدليل الإجماليُّ حاصلٌ لكلّ مؤمنٍ ولو لم يعرف ترتيبَ هذا الدليلِ كأن يقالَ العالمُ مُتغيرٌ وكلُّ مُتغيرٍ حادثٌ فالعالم حادث فلا بد له من محدِثٍ وهذا المحدِثُ هذا الموجِدُ هو الذي يسمى الله، فإن من نظرَ بعقلِهِ نظرًا صحيحًا يدلُّه على ذلك. والاستدلالُ الإجماليُّ لا يخلو منه المسلمُ العالِمُ أو العاميُّ ويسمى ذلك الاستدلالُ استدلالا طبيعيًّا. ولا يُتصَوَّرُ فِقدانُ الدليلِ الإجماليّ في مسلمٍ إلا فيمن نشأ على شاهقِ جبلٍ سمع أُناسًا يقولونَ إن للخلقِ ربًّا خلقهم يستحقُّ العبادَة عليهم، فصدَّقهُم إجلالا لهم عن الخطَإ واعتقدَ ذلك ولم يتفكر في شىء من الدليل، وهذا أيضًا إيمانُه صحيحٌ لكنه يجبُ عليه الاستدلالُ. فالمؤمنُ الذي لم يستدلَّ قال أهلُ الحقّ إنَّهُ عاصٍ وذلك لأن الله تباركَ وتعالى أمَرَ بالتّفكُّرِ في خلقِهِ ليستدلوا بحالِ العالمِ على وجودِ خالقِهِ. ثم بعد معرفةِ وجودِ الله تعالى وتفردِه باستحقاقِ العبادةِ أي نهاية التذللِ يجبُ عليه معرفة بقيةِ الثلاث عَشرَةَ صفة من صفاتِ الله وهي: القِدَمُ، والبقاءُ، والمخالفةُ للحوادثِ، وقيامُهُ بنفسِهِ، والوحدانيَّةُ، والحياةُ، والقدرةُ، والإرادةُ، والعلمُ، والسمعُ، والبصرُ، والكلامُ.والدليلُ الإجماليُّ لهذه الصفات هو أن يقالَ: لو لم يكُن الله تعالى متصفًا بهذه الصفاتِ لم يكنِ العالمُ موجودًا، فهذا الاستدلالُ الإجماليُّ كافٍ للاستدلالِ الواجبِ.وأما الأدلةُ التفصيليَّةُ فمعرفتُها ليست من فروضِ العينِ بل هي من فروضِ الكفاية، فإذا وُجِدَ في المسلمين من يعرفُ بقية الصفاتِ الثلاث عشرة وما يتبعُ ذلك من أصولِ الاعتقادِ بالدليلِ العقليّ فقد أسقَطَ الحَرَجَ عن غيرِه من المسلمينَ وذلك لأنَّه يحتاجُ إلى ذلك لردّ شُبهِ الملاحِدَةِ والمبتدِعَةِ في الاعتقادِ. فلو جاءَ مُلحدٌ وقال للمسلمينَ أعطوني دليلا عقليًّا على وجودِ الله تعالى فلا بد من رفعِ شُبهِهِ وتشكيكاتِهِ بإيرادِ أدلَّةٍ تفصيليةٍ من البراهينِ العقليةِ لأن هذا الملحدَ إذا قيل له قال الله تعالى: }أفي الله شَكٌ{ وقال تعالى: }وَهُوَ على كلِّ شَىءٍ قَديرٌ{ وقال: }وهو بكلِّ شىءٍ عليمٌ{ وقال: }هُوَ الأوَّلُ{ وقال: }إنَّ الله لغنيٌّ عن العالمين{ ونحو ذلك، قال الملحدُ أنا لا أؤمنُ بكتابِكُم، أنا لا أريدُ أن تذكرَ لي من كتابِكم شيئًا، فكيفَ تدفَعُ شُبَهَهُ وتشكيكاتِه؟ مثالٌ لذلك لو قال عابدُ الشمسِ: إن معبودي محسوسٌ ظاهرٌ نافعٌ للإنسانِ ولسائرِ الحيوانِ والنباتِ والماءِ والهواءِ كيف لا يكونُ ديني هذا حقًّا ونحنُ وأنتُم نعلم أنَّ هذا موجودٌ وهي محسوسةٌ بحاسةِ البصرِ، فكيف تقولون إنَّ دينيَ هذا باطلٌ، فإن هذا إن قيل له قال تعالى كذا يقول أنا لا أؤمنُ بكتابِكُم أُريدُ منكُم دليلًا عقليًّا، إن وجدتُم ذلك وأقمتُم لي فأنا أُسَلّم لكم وإلا فَكيفَ تطلبونَ مني أن أؤمنَ بدينكُم. فكيف تُقامُ على هذا الحجةُ؟.فهؤلاءِ الذين يظنونَ أن علمَ التوحيدِ لا يشتملُ على بيانِ البراهينِ العقليةِ والبراهينِ النقليةِ مع الحاجةِ الشديدةِ إلى ذلك، لا يستطيعونَ أن يُفحِموا هذا الكافرَ وإنما يستطيعُ إفحامَهُ السُّني الذي يُنَزّهُ اللهَ عن الكيفِ والحدّ والتحيُّزِ بالمكانِ والجهةِ، فيقول له: معبودُك هذا له حدٌّ وشكلٌ فيحتاجُ إلى من جعلَهُ على هذا الحدّ والشكلِ، والمعبودُ الحقُّ هو الموجودُ الذي ليس له حدٌّ ولا شكلٌ فلا يحتاجُ إلى غيرِه، أما معبودُك الذي هو الشمسُ فلا يصحُّ في العقلِ أن يكونَ هو أَوجَدَ نفسَهُ على هذا الحدّ وهذا الشكلِ، إنما الذي يستحِقُّ أن يُعبَدَ هو معبودُنا الذي هو موجودٌ لا كالموجوداتِ، فهنا ينقطع عابِدُ الشمسِ.و القرآنُ أرشَدَ إلى الاستدلالِ العقليّ بعِدّةِ ءاياتٍ كقوله تعالى: }وفي أنفسكم أفلا تُبصِرُون{ أي أنَّ في أنفُسِكُم دليلا على وجودِ الله. وذكر لذلك بعضُ عُلماءِ العقيدَةِ مثالا وهو أن يقالَ أنا كنتُ بعد أن لم أكن وما كان بعد أن لم يكُن فلا بدَّ له من مُكوِّنٍ فأنا لا بُدَّ لي من مُكوِّنٍ.ويُستنتَجُ من هذا القولِ انّ ذلك المُكَوِّنَ لا يكونُ شبيهًا لي ولا لشىءٍ ما من الحادثاتِ التي هي مشارِكةٌ لي في الحدوثِ، وهذا المُكَوِّنُ هو المُسَمَّى الله.--------------------------------------------------------------------------------الصّفَةُ الثانِيَةُ: القِدَمُالقِدمُ معناهُ الأزلية فإذا قيل الله قديمٌ معناه لا ابتداءَ لوجودِهِ، هذا في حق الله أما في حق غيره إذا قيل قديمٌ فمعناه مضى عليه زمانٌ طويلٌ، كذلك الأزليُّ، فالله تعالى هو الأزليُّ بهذا المعنى أي لا ابتداءَ لوجودِهِ فلا أزلي إلا الله، وأما الأزليُّ بمعنى قِدَمِ العهدِ والزمنِ فيوصفُ به المخلوقُ لغةً وعلى لسانِ حَمَلَةِ العِلمِ. أما لُغةً فقد قال الفيروز ابادي صاحب القاموس في مادةِ هرم: الهرمانِ بِناءانِ أزليانِ بمصرَ. فالله تبارك وتعالى هُوَ القديمُ، هو الأزليُّ بمعنى لا ابتداءَ لوجودِهِ، وما سواهُ لا يقالُ عنه قديمٌ ولا أزليٌّ بهذا المعنى إلا بالمعنى الثاني وهو تقادمُ العهدِ وطولُ الزمنِ، ولم يَرِد في القرءانِ إطلاقُ القديمِ على الله بهذا اللفظِ لكن وردَ معناه قالَ تعالى: }هُوَ الأوَّلُ{ لأنهُ لا يجوزُ تفسيرُهُ بقدَمِ العهدِ لأنَّ قِدمَ العهدِ صفةٌ من صفاتِ المخلوقاتِ والله تعالى كانَ قبلَ الزمانِ فلا يوصفُ بقدمِ الزَّمَنِ.قال أهلُ الحقّ: الموجوداتُ ثلاثةُ أقسامٍ: القسم الأول: أزليٌّ أبديٌّ وهو الله تعالى وصفاتُه فقط وصفاتُه كلُّها أزليةٌ بأزليةِ الذاتِ، ولمَّا ثبتَت الأزليةُ لذاتِ الله تعالى ثبتَت الأزليةُ لصفاتِهِ، وورَدَ في غيرِ هذا اللفظِ الدِلالةُ على أزليةِ الله تعالى في القرءانِ الكريمِ في عدةِ مواضِعَ كقوله تعالى: }وكان الله غفورًا رحيمًا{ ونحو ذلك ومعناه إنه غفورٌ رحيمٌ في الأزلِ، كذلك قوله تعالى: }وكان الله عليمًا حكيمًا{ فالأَزليةُ في القرءانِ لو لم يَرِد نصُّها لكِنَّ معناها ثابتٌ في أكثر من موضِعٍ في القرءانِ الكريمِ، وفي الحديثِ الصحيحِ حديثُ البخاريّ الذي سبَقَ ذِكرُهُ: "كان الله ولم يكن شىءٌ غيرُهُ" فإذا عُرِفَ هذا فمن ادَّعى الأزليةَ لشىءٍ غيرِ الله فقال العالمُ أزليٌّ بنوعِهِ أي بجنسِهِ وأشخاصِهِ فهو كافرٌ، ومن قال العالم أزليٌّ بجنسه لا بأفراده المعينة فإنها مخلوقة حادثة فهو كافر أيضًا وهو رأيُ الفلاسفَةِ المحدَثينَ وابنِ تيميةَ.القسمُ الثاني من الموجودِ: أبديٌّ لا أزليٌّ وهو الجنةُ والنارُ.القسمُ الثالثُ: لا أزليٌّ ولا أبديٌّ وهو ما سوى الجنةِ والنارِ من المخلوقاتِ ويُلحقُ بهما ما في الجنةِ من الحورِ والولدانِ وأشياء أخرى على ما قال بعضُ أهلِ العلمِ.وأما أزليٌّ لا أبديٌّ فهذا مستحيلٌ، الأزليُّ لا يكونُ إلا أبديًّا فالله تعالى أزليٌّ أبديٌّ بصفاتِهِ، أي أن صفاته أيضًا أزليةٌ أبديةٌ.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ الثالثةُ: البقاءُالبقاءُ معناه لا نهايَةَ لوجودِهِ تعالى لأنَّ ما ثبتَ له القِدَمُ وجبَ له البقاءُ فيمتَنِعُ عليه العدَمُ أي يستحيلُ عليه العدمُ.والبرهانُ على وجوبِ البقاءِ لله تعالى من المنقولِ قولُ الله تعالى }ويبقى وجهُ ربِّكَ ذو الجلالوالإكرام{ الوجهُ هنا معناه الذاتُ، وقال البخاريُّ:: "إلا مُلكَهُ، ويقال: إلا ما أريدَ به وجهُ الله".وأما برهانُ البقاءِ العقليّ فهو أن يقالَ: لو لم يكنِ الله تعالى باقيًا لم يكنِ العالمُ موجودًا لكنَّ العالمَ موجودٌ فثبتَ أن الله تعالى باقٍ. والبقاءُ الذي هو واجبٌ لله هو البقاءُ الذاتيُّ أي ليس بإيجابِ شىءٍ غيرِه له بل هو يستحقُّهُ لذاته لا لشىءٍ ءاخرَ، بقاءُ الله تعالى ذاتيٌّ ولا يكون لشىءٍ سواهُ هذا البقاءُ الذاتيُّ. إنما البقاءُ الذي يكون لبعضِ خَلقِ الله تعالى كالجنةِ والنارِ الثابتُ بالإجماعِ فهو ليس بقاءً ذاتيًّا لأنَّ الجنة والنارَ حادثتانِ والحادِثُ لا يكون باقيًا لذاتِهِ، فبقاءُ الجنةِ والنارِ ليس لذاتهما بل لأن الله تعالى شاء لهما البقاءَ.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ الرابعةُ: الوحدانيةُومعناه أنَّ الله تبارك وتعالى ليسَ له ثانٍ وليسَ مركَّبًا مؤلَّفًا كالأجسامِ كالعرشِ والكرسيّ والجنةِ والنارِ والسمواتِ السبعِ والإنسانِ والملائكةِ والجنّ فإنَّ هؤلاء أجسامٌ مؤلفةٌ أي تقبلُ الانقسامَ . العرشُ الكريمُ مؤلَّفٌ من أجزاء فيستحيلُ أن يكون بينه وبين الله مناسبةٌ كما يستحيلُ على الله تعالى أن يكون بينَه وبين شىءٍ من سائر خلقِهِ مناسبةٌ.والبرهانُ العقليُّ على الوحدانيةِ أنه تبارك وتعالى لو لم يكن واحدًا وكان مُتَعَدّدًا لم يكن العالَمُ منتظمًا لكنَّ العالَمَ منتظِمٌ فوجَبَ أنَّ الله تعالى واحدٌ، وأما البرهانُ النقليُّ على وحدانيتِهِ تعالى فكثير من ذلك قول الله تعالى: }قل هو الله أحد{ ومن الأحاديث ما رواه البخاري أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا تعارَّ([6]) من الليل قال: "لا إله إلا الله الواحد القهار ربُّ السمواتِ والأرضِ وما بينهما العزيزُ الغفار".--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ الخامسةُ: القيامُ بنفسه تعالىأي الاستغناءُ عن كلّ شىءٍ، فالله تبارك وتعالى مستغنٍ عن كل شىءٍ ومحتاجٌ إليه كلُّ شىءٍ سِواهُ، فلا يحتاجُ إلى مخصّصٍ له بالوجودِ لأنَّ الاحتياجَ إلى الغيرِ ينافي قِدَمَهُ، إذْ الاحتياج للغيرِ علامةُ الحدوثِ والله تباركَ وتعالى منزهٌ عن ذلك، وقد ثبتَ وجوبُ قِدَمِهِ وبقائهِ.فالله تبارك وتعالى لا ينتفعُ بطاعةِ الطَّائعينَ ولا ينضرُّ بعصيانِ العصاةِ، وكلُّ شىءٍ سوى الله محتاجٌ إلى الله لا يستغني عن الله طرفةَ عينٍ، قال تعالى: }والله الغنيُّ وأنتم الفقراء{ [سورة محمد].--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ السادسةُ: مخالفتهُ للحوادِثِأي لا يُشبه المخلوقاتِ، والدليلُ العقليُّ على ذلك أنه لو كان يشبِهُ شيئًا من خلقِهِ لجازَ عليه ما يجوزُ على الخلقِ من التغيُّر والتطورِ والفناءِ، ولو جازَ عليهِ ذلك لاحتاج إلى من يُغَيّرُهُ والمحتاجُ إلى غيره لا يكونُ إلها فثبت أنه لا يشبِهُ شيئًا.وأما البرهانُ النقليُّ لوجوبِ مخالفتِهِ للحوادِثِ فمن ذلك قوله تعالى }ليس كمثله شىء{ وهو أوضحُ دليلٍ نقليٍّ في ذلك جاء في القرءانِ لأنَّ هذه الآية تُفهم التّنزيه الكُلّي لأنَّ الله تباركَ وتعالى ذَكَرَ فيها لفظَ شىءٍ في سياقِ النَّفيِ، والنَّكرَةُ إذا أُورِدَت في سياقِ النفي فهي للشمولِ، فالله تباركَ وتعالى نفى بهذِه الجملةِ عن نفسِهِ مشابهة الأجرامِ والأجسامِ والأعراضِ فهو تباركَ وتعالى كما لا يشبه ذوي الأرواحِ من إنسٍ وجنٍ وملائكةٍ وغيرهِم لا يشبهُ الجماداتِ من الأجرامِ العُلوية والسُّفليةِ لا يُشبِهُ شيئًا من ذلك، فالله تبارك وتعالى لم يُقيّد نفي الشَّبَهِ عنه بنوعٍ من أنواعِ الحوادثِ بل شمل نفي مشابهتِهِ لكلّ أفرادِ الحادثاتِ. ويشملُ هذا النفيُ تنزيهَهُ تعالى عن الكميةِ والكيفية، فالكميةُ هي مِقدارُ الجرم أي فهو تبارك وتعالى ليس كالجِرمِ الذي يدخُله المقدارُ والمِساحَةُ والحدُّ فهو ليس بمحدودٍ ذا مِقدارٍ ومَسَافَةٍ، ومن قال في الله تعالى إنَّ له حدًّا فقد شَبَّههُ بخلقِهِ لأنَّ ذلك يُنافي الألوهيةَ، والله تبارك وتعالى لو كان ذا حدّ ومقدارٍ لاحتاج إلى من جَعَلَهُ على ذلك الحدّ والمقدارِ كما تحتاجُ الأجرامُ إلى من جَعَلَها بحدودها ومقاديرها لأن الشىءَ لا يخلقُ نفسَه بمقدارِهِ، فالله تبارك وتعالى لو كان ذا حدّ ومقدارٍ كالأجرامِ لاحتاجَ إلى من جَعَلَهُ بذلكَ الحدّ لأنه لا يصحُّ في العقلِ أن يكونَ هو جَعَلَ نفسَه بذلك الحدّ، والمحتاجُ إلى غيرِهِ لا يكونُ إلها لأنَّ من شرطِ الألوهيةِ الاستغناء عن كل شىء.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ السابعةُ: الحياةُالحياةُ في حقّ الله تعالى صفةٌ أزليةٌ أبديةٌ ليست كحياةِ غيرِهِ بروحٍ ولحمٍ ودمٍ.والبرهانُ العقلي على كونِهِ تعالى حيًّا أنه لو لم يكن حيًّا لم يتصف بالقدرةِ والإرادةِ والعلمِ، ولو كان الله تعالى غير متصفٍ بهذه الصفاتِ لكانَ متصفًا بالضّدِ وذلك نقصٌ والله منزهٌ عن النقصِ. ومما يدلُّ على وجوبِ حياتهِ تعالى وجودُ هذا العالم، فلو لم يكن حيًّا لم يُوجد شىءٌ من العالمِ، لكنّ وجودَ العالمِ ثابتٌ بالحِسّ والضرورةِ بلا شك.والبرهانُ النقليُّ على الحياةِ ءاياتٌ عديدةٌ منها قولُ الله تعالى: (الله لا إله إلا هو الحيُّ).--------------------------------------------------------------------------------الصفة الثامنةُ: القُدرةُوهي صفةٌ أزليّةٌ ثابتةٌ لذاتِ الله تعالى ويصحُّ أن يقال قائمةٌ بذاتِ الله تعالى لأن المعنى واحدٌ لكن لا يقالُ ثابتةٌ في ذاتِ الله، والقدرة يتأتى بها الإيجاد والإعدامُ أي يوجدُ بها المعدومَ من العدمِ ويُعدمُ بها الموجود.والبرهانُ العقليُّ على وجوبها لله تعالى هو أنه لو لم يكن قادرًا لكان عاجزًا ولو كان عاجزًا لم يُوجد شىءٌ من المخلوقاتِ، والمخلوقاتُ موجودةٌ بالمشاهدةِ. ثم العجزُ نقصٌ، والنقصُ مستحيلٌ على الله لأن من شرطِ الإلهِ الكمالُ.وأما البرهانُ النقليُّ فقد وَرَدَ ذكرُ صفةِ القدرةِ لله تعالى في القرءانِ الكريمِ في عدةِ مواضعَ كقولِهِ تعالى: }إنَّ الله هو الرَّزَّاقُ ذُو القوةِ المتين{ القوةُ هي القدرةُ، وقولِه تعالى: }وَهُوَ على كلِّ شىءٍ قديرٌ{.ثم إن القدرةَ لا تتعلقُ إلا بما يُجَوّزُ العقلُ وجودَهُ وهو الممكناتُ العقليةُ ويقال بعبارةٍ أخرى الجائزاتُ العقليةُ، فلا تتعلقُ القدرةُ بالواجِبِ العقليّ ولا بالمستحيلِ العقليّ أي ما لا يقبلُ الوجودَ، لذلك يمتنعُ أن يقال هل الله قادرٌ على أن يخلقَ مثلَهُ أو على أن يُعدمَ نفسَهُ، ومعَ ذلك لا يقالُ إنه عاجزٌ عن ذلك.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ التاسعةُ: الإرادةُالإرادةُ صفةٌ قديمةٌ قائمةٌ بذاتِ الله أي ثابتةٌ لذاتِهِ يخصصُ بها الممكن العقليَّ بصفةٍ دونَ صفة، لأنَّ الممكناتِ العقليةَ كانت معدومةً ثم دخلت في الوجودِ بتخصيصِ الله تعالى لوجودِها إذ كانَ في العقلِ جائزًا ألا توجدَ فوجودها بتخصيصِ الله تعالى، فلولا تخصيصُ الله تعالى لَما وجِدَ من الممكناتِ العقليةِ شىءٌ.فيعلم من ذلكَ أن الله تعالى خصص كل شىءٍ دخلَ في الوجودِ بوجودِهِ بدل أن يبقى في العدمِ وبالصفةِ التي هو عليها دونَ غيرِها، فتخصصُ الإنسانِ بصورتِهِ وشكلِهِ الذي هو قائمٌ حاصلٌ بتخصيصِ الله تعالى لأنه كان في العقلِ جائزًا أن يكونَ الإنسانُ على غير هذه الصفةِ وعلى غيرِ هذا الشكلِ، ثم تخصصُ الإنسانِ بوجودِهِ في الوقتِ الذي وجِدَ فيهِ فهو من الله تعالى لأنه لو شاء لجعلَ الإنسانَ أولَ العالم لكنهُ لم يجعله أول العالم بل جعلَهُ ءاخر العالم، فالفردُ الواحدُ منَّا يعلمُ أنه ما أوجَدَ نفسَهُ على هذا الشكلِ ولا هو أوجدَ نفسَهُ في هذا الزمنِ الذي وُجِدَ فيهِ فوجبَ أن يكونَ ذلك بتخصيص مخصصٍ وهو الموجودُ الأزليُّ المسمى الله.وأما البرهانُ النقليُّ على وجوبِ الإرادةِ لله فكثيرٌ من ذلك قولُه تعالى: }فَعَّالٌ لما يُرِيدُ{ أي أنه تبارك وتعالى يُوجدُ ويفعلُ المكوناتِ بإرادتهِ الأزليةِ.--------------------------------------------------------------------------------الصفة العاشرةُ: العلمُالعلم صفةٌ أزليةٌ ثابتةٌ لله تعالى ولا يقالُ في الله تعالى لأن التعبير بفي يوهمُ الظرفيةَ، أي أنَّ ذاتَ الله تعالى ظرفٌ لعلمِهِ وهذا مستحيلٌ. فالله تعالى ليس جوهرًا يحلُّ به العرَضُ، نحنُ عملنا عرضٌ يحلُّ بأجسامنا ويستحيلُ ذلك على الله تعالى فلا يجوزُ لأحدٍ أن يعبر بهذِهِ العبارة فإن ذلكَ زللٌ يؤدي إلى الهلاكِ. وهذا الفنُّ أولى العلومِ بالاحتياطِ في العباراتِ لأنه أشرفُ العلومِ لأنه يتعلقُ بأصلِ الدينِ، ولذلكَ سماهُ أبو حنيفةَ "الفقه الأكبرَ" وهو يعرفُ بعلمِ التوحيدِ وعلم الكلامِ، وهذا الذي يسميهِ أهلُ السنةِ علم الكلامِ هو الكلام الممدوحُ، وأما الكلامُ المذمومُ فهو كلامُ أهلِ الأهواءِ أي أهلِ البدع الاعتقاديةِ كالمعتزلة فهو الذي ذمَّه السلفُ، قال الإمامُ الشافعيُّ رضي الله عنه: "لأنْ يلقى الله العبدُ بكلِ ذنبٍ ما عدا الشركَ أهونُ من أن يلقاه بكلامِ أهل الأهواءِ". فالفرقُ بينَ هذا وهذا أن علمَ الكلامِ الذي هو لأهلِ السنةِ الذي فيهِ ألَّفوا تآليفهم أنه تقريرُ عقيدةِ السلفِ بالبراهينِ النقليةِ والعقليةِ مقرونًا بردّ شُبهِ الملاحدةِ المبتدعةِ وتشكيكاتِهم. ولأهل الحقِ عناية عظيمة به فقد كان أبو حنيفة يسافر من بغداد الى البصرةِ لإبطالِ شبهِهم وتمويهاتهم فقد تردد لذلك أكثَر من عشرينَ مرةً. وبينَ بغدادَ والبصرة مسافةٌ طويلةٌ، فكانَ يقطعهم بالمناظرة بكشف فسادِ شبههم وتمويهاتِهم، وهذا لا يعيبه إلا جاهلٌ بالحقيقةِ من المشبهةِ ونحوهم فإن المشبهةَ التي تحملُ الآياتِ المتشابهة والأحاديثَ المتشابهة الواردةَ في الصفاتِ على ظواهرها أعداءُ هذا العلمِ، وفي هؤلاءِ قال القائلُ وقد صدقَ فيما قالَ:عابَ الكلامَ أناسٌ لا عقولَ لهم وما عليه إذا عابُوهُ من ضَرَرِما ضرَّ شمسَ الضُّحى في الأفقِ طالعةً أن ليسَ يبصرها من ليسَ ذا بصَرِأما ما يُروى أنَّ الشافعيَّ قال: "لأن يلقى الله العبدُ بكلّ ذنبٍ ما عدا الشركِ خيرٌ له من أن يلقاهُ بعلمِ الكلام" فلم يثبت عنه. قالَ أهلُ الحقّ في إثباتِ صفةِ العلمِ لله تعالى استدلالا أنَّه تعالى لو لم يكن عالمًا لكانَ جاهلًا والجهلُ نقصٌ والله منزهٌ عنِ النقصِ، وأيضًا لو كانَ جاهلًا بشىءٍ لَم يوجد هذا العالمُ فوجودُ هذا العالمِ مشاهَدٌ ثابتٌ للعيانِ، فالجهلُ في حقّ الله تعالى يؤدي إلى عدمِ وجودِ العالمِ وذلك محالٌ، وما أدى إلى المحالِ محالٌ.وأما من حيثُ النقلُ فالدلائل كثيرة كقولِهِ تعالى: }وَهُوَ بِكُلِّ شَىءٍ عَليم{، وقولِهِ: }ألا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللطيفُ الخبير{ ففي الآيةِ دلالَةٌ على أنه لو لم يكن عالمًا لما خلق هذا الخلقَ.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ الحاديةَ عشرةَ: السمعُوهو صفةٌ قديمةٌ قائمةٌ بذاتِ الله أي ثابتةٌ له تتعلقُ بالمسموعاتِ، وقال بعضُ المتأخرينَ: تتعلقُ بكلِ موجودٍ من الأصواتِ وغيرها، ولا يجوزُ أن يكونَ سمعُهُ تعالى حادثًا كسمع خلقِهِ، ولا يجوزُ أن يكونَ بآلةٍ كسمعنا فهو يسمعُ بلا أُذُنٍ ولا صِماخٍ، وقد زاغ بعضُ من لم يتعلَّم علمَ التنزيهِ ممن اقتصر على حفظِ القرءانِ من دونِ تلقٍّ لِعلم الدينِ تفهُّمًا من أفواهِ أهلِ العلمِ الذين تلقوا ممن قبلَهُم فقالَ: إنَّ الله له ءاذانٌ، فقيلَ له: كيفَ ذلكَ؟ قال: أليسَ قال الرسول "لله أشدُ ءاذانًا" فقيل له: أنت حرَّفتَ الحديثَ فالواردُ "أَذَنًا" وليس ءاذانًا، هو ظنَّ بنفسِه أنهُ عالمٌ فتجرأ على تحريفِ هذا الحديثِ ظنًّا منه أنه الصوابُ، والأَذَنُ في اللغةِ الاستماعُ، وقول هذا الرجل من أفحشِ الكذبِ على الله لم يقل بذلكَ أحدٌ من المشبهةِ. فسمعُ الله تعالى أزليٌّ ومسموعاتُهُ التي هي من قبيلِ الصوتِ حادثةٌ فهو تعالى يسمعُ هذه الأصواتَ الحادثةَ بسمعِهِ الأزليّ الأبديّ أي الذي ليس لوجودِهِ ابتداءٌ ولا انتهاءٌ بل هوَ باقٍ دائمٌ كسائرِ الصفاتِ، وهذا كما قالوا إن قدرة الله متعلقةٌ بالحادثاتِ أي الممكناتِ العقليةِ والقدرةُ أزليةٌ بخلافِ المقدوراتِ فإنها حادثةٌ، ويقال على مذهبِ الماتريديةِ إنه مكوّنُ الخلقِ بتكوينِهِ الأزليّ ومكوناتُهُ حادثةٌ.ودليلُ وجوبِ السمعِ له عقلًا أنه لو لم يكن متصفًا بالسمعِ لكان متصفًا بالصممِ وهو نقصٌ على الله، والنقصُ عليه محالٌ. وأما دلائلُهُ النقليةُ فكثيرةٌ منها قولُه تعالى: }وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{، وقولُه تعالى: }قد سَمِعَ الله قَوْلَ التي تُجادلُكَ فِي زوجِها{.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ الثانيةَ عشرةَ: البصرُمعناهُ الرؤيةُ، والبصرُ صفةٌ أزليةٌ أبديةٌ متعلقٌ بالمبصراتِ فهو تباركَ وتعالى يرى ذاته الأزليَّ ويرى الحادثاتِ برؤيتِهِ الأزليةِ، وليسَ بصرهُ كبصرِ خلقِهِ لأن بصرَ خلقه بآلة يكون بالعين.والدليل على ثبوتِ البصر لهُ من حيث العقلُ أنه تبارك وتعالى لو انتفى عنهُ البصرُ لاتصفَ بضدِهِ وهو العَمَى أي عدمُ الرؤية وذلك نقصٌ والنقصُ محالٌ على الله.وأما برهانُ البصرِ النقليُّ فالآياتُ والأخبارُ الصحيحةُ الكثيرةُ كقولِ الله تعالى: }وَهُوَ السَّمِيعُالبصير{، وقولِهِ صلى الله عليه وسلم في تَعدادِ أسماءِ الله الحسنى: "السميعُ البصيرُ" وهو في حديثٍ أخرجهُ الترمذيُّ وحسَّنهُ.--------------------------------------------------------------------------------الصفةُ الثالثةَ عشرةَ: الكلامُيجبُ لله تعالى الكلامُ وهو صفةٌ أزليةٌ أبديةٌ لا يشبهُ كلامَ المخلوقينَ ويُعبرُ عنهُ بالقرءانِ وغيرِهِ من الكتبِ المنزلةِ، وكلامُ المخلوقينَ حادثٌ، فكلامُ الإنسانِ صوتٌ يعتمدُ على مخارجَ ومقاطعَ ومنهُ ما يحصلُ بتصادمِ جسمينِ كصوتِ الحديدِ إذا جُرَّ على الصفا([7]). وليست هذه الكتبُ المنزلةُ عينَ الكلامِ الذاتي بل هي عباراتٌ عنهُ، والدليلُ على ذلكَ من حيثُ العقلُ أنه لو لم يكن متكلمًا لكانَ أبكم، والبَكمُ نقصٌ والنقصُ مستحيلٌ على الله. وأما دليلُه النقليُّ النصوصُ القرءانيةُ والحديثيةُ من ذلكَ قولُه تعالى: }وَكَلَّمَ الله موسى تكليمًا{ أي أسمعَهُ كلامَهُ الأزليَّ الأبديَّ ففهمَ منه موسى ما فهمَ، فتكليمُ الله تعالى أزليٌّ وموسى وسماعهُ لكلامِ الله حادثٌ. فالقرءانُ يرادُ به الكلامُ الذي هو معنى، أي صفةٌ قائمة بذاتِ الله، ويطلق على اللفظِ المنزلِ على سيدنا محمدٍ، قال الله تعالى: }نزل به الرُّوحُ الأمين على قلبك لتكون من المنذرين{، وليسَ الكلام الذي هو معنى قائم بالله المسمى الكلامَ النفسيَّ لكونِهِ قائمًا بذات الله أي بنفسِهِ أي ذاتِهِ. فالقرءانُ بمعنى اللفظِ المنزلِ هو الذي يكتبُ بأشكالِ الحروفِ ويسمَعُ بالآذانِ ويحفظُ في الأذهانِ بالألفاظِ المتخيَّلةِ ويقرأ باللفظِ، أما الكلامُ الذاتيُّ فلا يحلُّ في المصاحف لكنه يُطلقُ على كلا الأمرينِ أنه كلام الله فهو باعتبارِ إطلاقِهِ على الكلامِ النفسيِ حقيقةٌ عقليةٌ شرعيةٌ، أما باعتبارِ إطلاقِهِ على اللفظِ المنزل فهو حقيقةٌ شرعيةٌ لأن اللفظَ المنزلَ ليسَ عينَ الكلامِ الذاتيِ الأزلي الأبديِ، وتقريبُ ذلكَ للفهمِ أنه يصحُّ أن يقالَ تلفظتُ الله أي تلفظتُ بلفظٍ يدُلُّ على ذاتِ الله المقدسِ، ويقال كتبتُ الله أي أشكالَ الحروفِ الدالةِ على الذاتِ القديمِ، ويقال للفظِ الجلالةِ المكتوبِ على لوحٍ ونحوِهِ هذا الله، ويقالُ قرأ فلانٌ قراءة حسنةً صحيحةً ويقالُ قرأ فلانٌ قراءةً غيرَ صحيحةٍ، فلا يصحُّ أن يكونَ قولُ القائلِ تلفظتُ الله وكتبتُ الله أن يكونَ على الحقيقةِ العقليةِ لأن الله تعالى لا يَحلُّ بألسِنتنا وكذلكَ كلامهُ الذي هو ذاتيٌّ لا يَحُلُّ بألسنتنا، إنما العبارةُ هي التي تحلُّ بألسنتنا، فإن قيلَ إذا لم يكن اللفظُ المنزلُ عينَ كلامِ الله الذاتيّ فكيفَ كانَ نُزُولُهُ على سيدِنا محمدٍ؟فالجوابُ: ما قالَهُ بعضُ العلماء إن جبريل وجَدهُ مكتوبًا في اللوحِ المحفوظِ فأنزلَهُ بأمرِ الله له على سيدنا محمدٍ قراءةً عليهِ لا مكتوبًا في صحفٍ ويدلُ لذلكَ قولُهُ تعالى: }إنه لقولُ رسول كريم{ أي مقروء جبريل، فلو كان هذا اللفظُ المنزلُ عين كلامِ الله الذاتي لم يقل الله تعالى: }إنه لقولُ رسول كريم{ أي جبريل لأن جبريل هو المراد بالرسولِ الكريمِ. أما المشبهةُ فتقولُ الله يتكلم بالحروفِ كما نحن نتكلم بالباء ثم السين ثم ما يلي ذلك من الحروف في بسم الله الرحمن الرحيم وغيرِ ذلك من ألفاظِ القرءانِ، وفيما قالوه تشبيهٌ لله بخلقِهِ لأنه لو كان يتكلمُ بحروفٍ تخرُجُ من ذاتِ الله تعالى كما تخرُج من ألسنتنا لكانَ مثلَنا ولا يجوزُ أن يكونَ مثلَنا لأنه نفى عن نفسِهِ مشابهةَ غيره لَهُ بقولِه: }ليس كمثله شىء{، فرضي الله عن أئمةِ أهلِ السنةِ حيثُ بيَّنوا الصوابَ من الاعتقادِ الذي لولا بيانُهُم لخفيَ على كثيرٍ من الخلقِ وَلَوَقَعُوا في تجسيم الله تعالى.واستدلالنا بقولِ الله تعالى: }إنه لقولُ رسولٍ كريم ذي قوةٍ عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين{ من أوضح الدلائل على صحةِ ما يقولُهُ أهلُ السنةِ المنزهونَ لخالقهم عن شبهِ المخلوقينَ، وإلى هذا ذهبَ الفريقانِ من أهلِ السنةِ الماتريدية والأشعريةُ، فقولُ من قال من أهلِ السنةِ القرءان كلامُ الله تعالى بالحقيقةِ ينزل على التبصيرِ الذي قرَّبوه.ثم الواجبُ معرفتهُ وجوبًا عينيًّا على كلّ مكلفٍ من صفاتِ الله هي هذه الثلاثَ عشرةَ، وأما التكوينُ وهو التخليقُ للمخلوقاتِ والمقدوراتِ ففهِمَهُ بعضُ أهلِ السنةِ على أنه صفةٌ لله أزليةٌ قائمةٌ بذاتِهِ تعالى فعندهُم تكوينُ الله أزليٌّ والمكوناتُ حادثةٌ مخلوقةٌ. والفريقُ الآخرُ أكثرُ الاشاعرةِ لا يرونَ التكوينَ صفةً لله تعالى أزليةً، إنما يرونَ التكوينَ أثرَ القدرةِ الأزليةِ فعندَهُم لا حاجةَ إلى عدّ التكوينِ صفةً أزليةً، فعلى حسبِ مذهبِ الماتريديةِ تكونُ الصفاتُ الواجبُ معرفتُها على كلّ مكلفٍ أربعَ عشرةَ صفةً، وبعضُ الماتريديةِ وهو صاحب كتاب بدء الأمالي قال في تقريرِ مذهبِهِم في صفاتِ الذاتِ:صفاتُ الذاتِ والأفعالِ طُرًّا([8]) قديماتٌ مصوناتُ الزوالِالماتريديةُ عندَهُم هكذا يقررونَ أن صفات الذاتِ وهي ثلاثَ عشرةَ، وصفاتُ الأفعالِ أي التخليق الذي هو التكوين والإسعادُ والإشقاءُ والإماتَةُ والإحياءُ قديماتٌ أي أزلياتٌ، وقوله: "مصونات الزوالِ" معناه لا تَنعدمُ ليست شيئًا يوجدُ ثم ينقطعُ.وأما بعضُ الحنابلةِ قالوا كلامُ الله بصوتٍ لكنَّ متقدميهِم يعنونَ بذلكَ صوتًا أزليًّا أبديًّا ليس كأصواتِ المخلوقينَ فإن الذي يعتقدُ أن كلامَ الله صوتٌ حادثٌ فهو شَبَّهَهُ بخلقهِ وخالف قولَ الله تعالى: }ليس كمثله شىء{.ثم إن الناسَ افترقوا في مسألةِ الصفاتِ فِرقًا، فرقة أثبتتِ الصفاتِ معَ التنزيهِ عن مشابهةِ الخلقِ وهم أهلُ السنةِ والجماعةِ، أثبتوا لله ما أثبتَ لنفسِهِ مع تنزيهِهِ تعالى عن أن تكونَ صفاتُهُ من لوازِمِ الجسميةِ كالجلوسِ والانتقالِ والتحيزِ في جهةٍ من الجهاتِ والتغيرِ والتطورِ وسائرِ أماراتِ الحدوثِ، وفرقة عطلتِ الصفاتِ وهم المعتزلةُ وهمُ القدريةُ أنكروا أن الله متصفٌ بصفاتٍ تقومُ بالذاتِ فسمُّوا لذلكَ معطلةً لأنهم عطلوا الصفات أي نفوها، وفرقة جعلوا صفاتِ الله من لوازمِ الجسميةِ أثبتوا للذاتِ المقدسِ الحركةَ والسكونَ والتنقلَ وغيرَ ذلك من أماراتِ الحدوثِ كقولِهِم إن كلامَ الله أصواتٌ وحروفٌ توجدُ ثم تنقضي ثم تعودُ ثم تنقضِي ثم تعودُ ثم تنقضِي وهؤلاءِ يسمَّونَ مشبهةً ومجسمةً، ومن هؤلاءِ قسمٌ يصرحونَ بتسميةِ الله جسمًا ثم يقولونَ نحن لا نعني بقولنا إنه جسمٌ أَنه جِرمٌ إنما نعني أنه موجودٌ قائمٌ، وقسمٌ يتحاشونَ أن يطلقوا عليه لفظَ الجسمِ مع اعتقادِ معناه، ومن هؤلاء الكراميَّةُ وهم مشبهةٌ مجسمةٌ ينتسبونَ إلى رجلٍ يقال له محمد بن كرام ويقالُ لهؤلاءِ حشويةٌ، وأهلُ السنةِ الوسطُ بين ذينِكَ الفريقينِ وهم لقّبوا الأشعريةَ والماتريديةَ لأنهم اتَّبَعُوا إمامي الهدى أبا الحسن الأشعري وأبا منصورٍ الماتريديَّ ويتميزُ هؤلاءِ عن المعطلةِ والمشبهةِ لكونِهِم يثبتونَ لله تعالى الصفاتِ التي مرَّ ذكرُها: العلمُ والقدرةُ والإرادةُ والسمعُ والبصرُ والكلامُ والحياةُ والمخالفةُ للحوادثِ والقيامُ بالنفسِ والوجودُ والوحدانيةُ والقدم والبقاء مع تنزيهِ الله تعالى عن صفاتِ الحدوثِ بقولِهِم في هذه الصفاتِ إنها أزليةٌ أبديةٌ، ولأنهم يؤولونَ ءاياتِ الصفاتِ وأحاديث الصفاتِ من المتشابِه بتركِ حملِها على الظواهِر، فمنهم من يؤولُ تأويلا إجماليًّا ومنهم مَن يؤولُ تأويلا تفصيليًّا ويَرونَ كلا الأمرينِ حقًّا وصوابًا. ومثالُ ذلكَ أنهم يحملونَ استواءَ الله على العرشِ المذكورَ في عدةِ ءاياتٍ على معنى يليقُ بهِ تعالى لا على معنَى الجلوسِ والاستقرارِ أو المحاذاةِ أو نحوِ ذلكَ من معاني الاستواءِ في اللغةِ العربيةِ مما هو من استواء المخلوقِ، ثم منهم من يكتفِي بإمرارِها كما جاءت من غير تعيينِ معنى لائق بالله تعالى كالاستيلاءِ والقهرِ، ومنهم من يعينُ معنى لا يلزمُ منهُ علاماتُ الحدوثِ ولوازمُ الجسميةِ فالفريقُ الأولُ منهُم أَوَّلوا تأويلا إجماليًّا والفريقُ الآخرُ أَوَّلوا تأويلا تفصيليًّا.وزاغَ أهلُ التشبيهِ عن الحقّ وقالوا إن التأويلَ تعطيلٌ وهو افتراءٌ على أهلِ السنّةِ، وهؤلاءِ يذمون أهلَ الحقّ لتركهم حملَ تلكَ الآياتِ والأحاديثِ المتشابهةِ كآيةِ الاستواءِ المذكورةِ على ظواهرِها، فيقول أحدهم للسني الذي لا يحمل تلك الآيات والأحاديث على ظواهرها هذا مؤوّل على وجهِ التعيير وهم معَ ذلك يؤولونَ بعضَ هذه الآياتِ والأحاديثِ، فهم في الحقيقةِ مناقضونَ لأنفسِهِم وإن لم يشعرُوا بذلكَ لأنهم لا يحملونَ الآياتِ التي ظواهرها أن الله في الجهةِ المقابلةِ لجهةِ العلوّ كالأرضِ فإذا جاءوا إلى هذِه الآياتِ كقولِهِ تعالى في حقّ ابراهيمَ: }وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين{ لا يحملونَ هذه الآيةَ على أن الله تعالى أرادَ بذلكَ أنه كانَ في أرضِ الشامِ التي هاجرَ إليها إبراهيمُ، كذلك إذا جاءوا إلى قولِهِ تعالى: }وهو معكم أين ما كنتم{ لا يحملونَ هذهِ الآيةَ على ظاهرها لأنَّ ظاهرها أن الله مخَالطٌ عبادَهُ في أماكِنهم في الأرضِ أينما كانوا وأنه متنقلٌ معهم. ثمَّ إذا قيلَ لَهُم كيفَ تحملونَ بعضَ هذِهِ الآياتِ على ظواهرِها كآيةِ الاستواءِ على العرشِ ولا تحملونَ الآياتِ الأخرى كآيةِ }وقال إني ذاهبٌ إلى ربي سيهدين{ وءاية }ونحن أقرب إليه من حبل الوريد{ وما أشبهَ ذلك لا تحملونَها على الظواهرِ أليس هذا تَحَكُّمًا، قالوا الآياتُ التي ظواهرُها أن الله تعالى في جهةِ العلوّ كالعرشِ والسماءِ إذا حملناها على ظواهرِها أثبتنا لله الكمالَ وأما الآياتُ التي ظواهرُها أنه تعالى في جهةِ تحت لا نحملُها على ظواهرها لأن جهةَ تحتٍ خلافُ الكمالِ وهي نقيصةٌ في حقّ الله تعالى.وقالَ أهلُ الحقّ: ليس الشأنُ في عُلوّ الجهةِ بل الشأنُ في علوّ القدرِ، والفوقية في لغةِ العربِ تأتي على معنيينِ فوقية المكانِ والجهةِ وفوقية القدرِ قال الله تعالى إخبارًا عن فرعون: }وإنا فوقهم قاهرون{ أي نحنُ فوقَهُم بالقوةِ والسيطرةِ لأنه لا يصحُّ أن يقالَ إن فرعونَ أرادَ بهذا أنه فوقَ رقابِ بني إسرائيلَ إلى جهةِ العلوّ إنما أرادَ أنهُم مقهورونَ لَهُ مغلوبونَ.والحاصلُ أن هذه الطائفةَ كأنها لا تدري ما تقولُ، أما أهلُ الحقّ الذين لا يحملونَ تلك الآياتِ على الظواهرِ ما أوهمَ منها تحيزَ الله في جهةِ العلوّ وما أوهَمَ منها تحيزَهُ في جهةِ تحت فهم جانبوا التحكمَ أي الدعوى بلا دليلٍ، وأما الفئة التي تحملُ بعضَ تلك الآياتِ والأحاديثِ على ظواهرِها وتترك حملَ بعضٍ على ظاهرها فقد تحكمت ولزمَها التشبيهُ فهم مشبهةٌ في الحقيقةِ وإن كانوا لا يرضونَ هذا الاسمَ لهُم. ومن عادتِهِم أنهم يموهونَ على الناسِ بقولِهِم استوى على العرشِ بلا كيف أو بقولِهم على ما يليق بهِ وهم يعتقدونَ في الله الكيفَ الذي نفاه السلَف فليحذرِ العَاقل تمويهَهُم، تعالى الله عما يقولون.--------------------------------------------------------------------------------صِفَاتُ الله كُلُّها كَمَالٌصِفَاتُ الله أزَلِيَةٌ أَبدِيَةٌ، لأَنَّ الذَّاتَ أزَليٌّ فَلا تَحْصُلُ لَهُ صِفَةٌ لَم تَكُنْ في الأَزَلِ، أمَّا صِفَاتُ الخَلْقِ فَهِيَ حَادِثَةٌ تَقْبَلُ التَّطَوُّرَ مِنْ كَمَالٍ إلى أكْمَلَ فَلا يتجدَّدُ عَلى عِلْمِ الله تَعَالَى شَىءٌ. والله تَعَالَى خَلَقَ كُلَّ شَىءٍ بِعلْمِه الأَزَليّ وقُدْرَتِه الأَزَلِيَّةِ ومَشِيْئَتِه الأَزَلِيَّةِ، فَالمَاضِي والحَاضِرُ والمُسْتَقْبَلُ بِالنّسْبَةِ لله أَحَاطَ بِه بِعِلْمِهِ الأَزَلِيّ. ولما ثَبَتَت الأزليَّةُ لذاتِ الله وَجَبَ أن تكون صفاتُهُ كلُّها أزليَّةً أبديَّةً لا تَقبَلُ التَّغيُّرُ والتَّطوُّرُ لأن التّغيُّرَ والتَّطوُّرَ من حالٍ إلى حالٍ علامةُ الحدوثِ، فالإنسان يقبل الزّيادةَ والنُّقصانَ والتغيُّرَ من الكمالِ إلى النَّقصِ والعكس أما الله تعالى لا يزدَادُ ولا ينقصُ، فصفاتُ الله لا تقبلُ التّطوُّرَ من كمالٍ إلى أكملَ وعلمُ الله لا يزدادُ ولا ينقصُ بل علمُهُ كاملٌ كما سائر صفاته يعلمُ به كلَّ شَىءٍ، فلا يتجدّدُ له علمٌ جديدٌ بل هو عالمٌ في الأزلِ بكلّ شىءٍ فالتّغيُّرُ يحصُلُ في المعلومِ الحادِثِ لا في علمِ الله الأزليّ، فالله يعلمُ ما كانَ في الماضي وما يكون في الوقتِ الحاضرِ وما سيكون في المستقبلِ حتى الأشياء التي تتجدَّدُ في الآخرةِ الله عَلِمَ بها في الأزل، حتى أنفاسَ أهل الجنةِ وأهل النار التي تتجدَّدُ بلا انقطاعٍ الله تعالى يعلمُ بتفصيلها.أما قولُه تعالى: }ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه{ [سورة الأعراف] معناهُ أن الله تعالى له الأسماءُ التي تدلُّ على الكمالِ، فالله لا يُوصَفُ إلا بصفةِ كمالٍ فما كانَ من الأسماءِ لا يدلُّ على الكمالِ لا يجوزُ أن يكونَ اسمهُ كما يُسمّيه بعضُ النّاس "روحًا"، وبعضُهم سمّاهُ "ءاه"، فهذا لا يجوزُ لأن كلمةٌ ءاه وَضَعَهَا العربُ لِتَدُلَّ على الشّكايةِ والتّوجُّعِ وقد جاءَ في الحديثِ الذي رواه الترمذي أن رسول الله قال: "إذا تثاءبَ أحدُكم فَليَضَع يدهُ على فِيْهِ، وإذا قالَ ءاه ءاه فإنَّ الشّيطانَ يضحَكُ من جوفِهِ" أي يدخل إلى فمِهِ ويسخرُ منه.ومن الدّليلِ على أن ءاه ليس من أسماءِ الله أن الفقهاءَ قالوا إن من قالَ ءاه في الصّلاةِ عامدًا بطلَتْ صلاتُهُ، ومعلومٌ أن ذِكرَ الله لا يبطلُ الصلاةَ، فلو كانَ ءاه من أسماءِ الله لما أبطَلَ الصلاةَ.وأسماءُ الله الحسنى يُطلَقُ عليها صفات الله ويُطلقُ عليها أسماء الله إلا لفظ الجلالةِ لا يطلقُ عليه الصّفة، ثم إن أسماء الله تعالى قسمانِ قسم لا يُسمَّى به غيرُهُ وقسمٌ يُسمَّى به غيرُه، الله والرَّحمنُ والقدُّوسُ والخالقُ والرَّزَّاقُ ومالكُ الملكِ وذو الجلالِ والإكرامِ والمحيي المميت لا يُسمَّى به إلا الله، أما أكثرُ الأسماءِ فيُسمَّى به غيرُ الله أيضًا، فيجوزُ أن يسمّيَ الشَّخصُ ابنَهُ رحيمًا والمَلِك كذلك والسَّلام كذلك.تم إملاءٍ في غرة رجب لعام ألف وأربعمائة وعشرة للهجرة في مدينة خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على خير خلقه

الأغذية المعدلة وراثيا

تعد الأغذية المعدلة من الموضوعات الساخنة ما بين معارض ومؤيد، وقد غطت الأخبار الصحفية والعلمية في الآونة الأخيرة، وعلى وجه الخصوص في الدول الأوروبية ومنظمات ومناصري البيئة، واهتمامات الرأي العام والتجمعات السكانية، اعترضت في مجملها على الأغذية المعدلة وراثياً، وهناك أبحاث ودراسات حديثة كانت أيضاً محل خلاف وجدل عن تأثيرات وعواقب الهندسة الوراثية على الأغذية.. تلك الأمور وغيرها تصدرت اهتمامات ومشاعر الناس وشكوكهم في الأغذية المعدلة. ولما كان هناك الكثير من التساؤلات والاستفسارات التي طرحت، إضافة إلى المطالبات بتكثيف الأبحاث والدراسة للتأكد من سلامة استخدام هذه الأغذية، ومطالبات أخرى بإنشاء نظم واجراءات جديدة لتقنين التعامل مع الأغذية المعدلة بأمان، سأحاول التطرق لأهم المحاولات والقضايا مدار البحث وايضاح بعض الجوانب المهمة حيال هذا الموضوع الحساس.الأغذية المعدلة وراثياً ( جينياً )الأغذية المعدلة وراثياً هو مصطلح أصبح شائع الاستخدام يشير إلى النباتات التي يتم تخليقها للاستهلاك الآدمي والحيواني باستخدام أحدث تقنيات علم الأحياء، والهندسة الوراثية "هندسة الجينات". والغرض من تحوير وتعديل النباتات في المختبر هو الارتقاء بالخواص المرغوبة من حيث الجودة وتحسين القيمة الغذائية، والمذاق وتوفير الإمداد الغذائي الكافي لسكان العالم. إضافة إلى زيادة مقاومة النبات للعوامل البيئية، والأمراض والآفات الحشرية التي تضر بالمحاصيل من عدة قرون، والحرص على حماية البيئة والحياة الفطـرية.إن تحفيز الخواص المرغوب فيها كان قد تم الاهتمام به في محاولات قديمة من خلال العناية بالنباتات، وزراعتها ورعايتها بالطرق التقليدية المتعارف عليها لتحسين المحاصيل الزراعية باختيار السلالات الجيدة والتلقيح والتهجين، لكن تلك الطرق فيها هدر كبير للوقت والجهد والمال، وهي غير مضمونة النتائج، والتقنية الحيوية الجديدة هي امتداد للطرق التقليدية القديمة، ومن خلال الهندسة الوراثية والتقنية الحيوية للنبات يمكن نقل عدد كبير من المعلومات الوراثية ( الجينية )، وبالتالي توفير نباتات حسب الرغبة من حيث المواصفات المطلوبة بدقة وبسرعة أكبر.إن الطريقة التقليدية للـزراعة تشمل مرور مئات أو آلاف الجينات، بينما التقنية الحيوية تسمح بمرور جين واحد أو أكثر من الجينـــات المرغــوبة فقط، هذا العلم الحديث الأكثر دقة يسمح للمزارعين بتطــوير المحاصيل بخواص مفيـدة، والتخلص من الخواص غير المرغـــوبــة.وعلى سبيل المثال تمكَّن المختصون في الوراثة النباتية من عزل الجين ( المورثة ) المسؤول عن مقاومة الجفاف، وإدخاله في نباتات أخرى مختلفة، وبهذا ستكتسب النباتات الجديدة المعدلة أيضاً خاصية مقاومة الجفاف.ولا تقف العملية عند نقل الجينات من نبات لآخر، ولكن يمكن أيضاً استخدام جينات من كائنات حية غير نباتية، إن الأمراض والآفات الحشرية التي تصيب نبات الذرة أو محاصيل زراعية أخرى موجودة بشكل طبيعي في البكتيريا التي تقوم بإنتاج بروتين بلوري يعتبر قاتلاً ليرقة الحشرة، وجينات البروتين البلوري البكتيرية المنشأ يمكن نقلها إلى الذرة لإكسابها خاصية مقاومة الأمراض الحشرية، وباستخدام تقنية مماثلة يمكن إنتاج فواكه وخضراوات طيبة المذاق وتحسين الخواص مثل الطماطم الأفضل في محتوياتها وتحسين خاصية بقائها وخزنها لمدة أطول مع الاحتفاظ بنضارتها، كذلك تحسين القيمة الغذائية لبذور بعض النباتات التي تنتج زيوت، مع الإقلال من كميات الدهون المشبعة في محتواها. وبهذا يتم التوصل إلى أغذية أفضل من الناحية الغذائية والصحية.جوهر عملية التقنية الحيوية للنباتإن المادة الوراثية " DNA " من مختلف المخلوقات والكائنات الحية تعتبر بصفة رئيسية متشابهة في كنهها. فهي مجموعة من التعليمات التي توجه الخلايا لعمل وتكوين البروتين الذي يعد أساس وقوام الحياة، والمادة الوراثية سواء كان مصدرها كائناً حياً ( نباتاً أو حيواناً أو إنساناً ) فهي مصنعة من نفس المواد، ومع مرور السنين اكتشف الباحثون كيفية نقل قطعة معينة من المادة الوراثية من كائن حي لآخر.إن أول خطوة قام بها الباحثون في نقل المادة الوراثية هي قطع وفصل قطعة من الجين من سلسلة المادة الوراثية باستخدام إنزيم يدعي " المقص " لإجراء القطع عند موقع معين على طول شريط المادة الوراثية، ولقد استخدم الباحثون فيما بعد تلك المقصات لقطع فتحة في البلازميد وهو عبارة عن حلقة من المادة الوراثية توجد في الغالب في خلايا البكتيريا، ويقوم الباحثون بعد ذلك بعملية لصق أو وضع قطعة الجين في البلازميد، ومن خلال النهايات المقطوعة فإن كلاً من البلازميد، وقطعة الجين يتحدان ويلتصقان كيميائياً، ويرتبطان مع بعض لتكوين بلازميد يحتوي على جين جديد، ومن أجل إكمال العملية فإن الباحثين يستخدمون إنزيماً آخر لعملية اللصق لمكان الجين الجديد.إن عقوداً مضت في الأبحاث سمحت لبعض العلماء المختصين باستخدام معرفتهم وخبراتهم ومعلوماتهم في علم الجينات لتحسين محاصيل زراعية، مثل، الذرة وفول الصويا والقطن والبطاطس والطماطم واللفت، وتتوالى الأبحاث للتأكد من تحسين المحاصيل الزراعية الحالية، والحفاظ على استمرارية الإنتاج الزراعي من خلال تحسين نوعية البذور النباتية المستخدمة.التقنية الحيوية.. لماذا؟مع زيادة الوعي العام بدأ الكثير من الناس يتفهمون بعمق أكثر العلاقة بين الإنسان صحيح البدن والمستقر عاطفياً واجتماعياً وبين العمليات الطبيعية للكرة الأرضية التي تسهم بشكل أساسي في البناء والحياة من جميع الجوانب، لقد أدرك الناس وتحققوا من أن طاقة الكرة الأرضية على توفير الهواء والماء "النقيان"، والتربة "الخصبة"، والنباتات والحيوانات المتنوعة والنافعة للإنسان، تعتبر في مجملها حجر الأساس لتأكيد جودة الحياة لنا وللأجيال القادمة.إن قضية تزايد النمو السكاني تعتبر معضلة شديدة وصعبة، وتتسبب في إنهاك مصادر الكرة الأرضية، ومن الأشياء القليلة المؤكدة في المستقبل هو تضاعف سكـــان الكـــرة الأرضية، ويتوقع أن يصل عدد سكــــان العـــالم إلى 10 مليارات نسمة خلال الخمسين عاماً القادمة حسب تقديرات البنك الدولي، وستكون التقنية الحيوية جزءاً مهماً ومحرجاً في توسيع الإنتاج الزراعي في القرن الحادي والعشرين، وإذا ما سارت الأمور بسلامة وأمان يمكن أن تكون النتائج رائعة، وتساعد على مواجهة التحدي في تغذية الزيادة السكانية والتي تشكل 95% منها في البلدان النامية الفقيرة وفي نفس حجم الأراضي والمياه المتوافرة في الوقت الحاضر، وبهذا من المتوقع أن تصبح التقنية الحيوية ومنجزاتها جزءاً من لغز التقدم العلمي المستمر.لقد أكد الخبراء أن اكتشافات التقنية الحيوية ستعمل على زيادة كمية المحاصيل الزراعية إلى ثلاثة أضعاف دون الحاجة إلى أراضٍ زراعية إضافية، ومع الحفاظ على الثروة المائية القيِّمة، والغابات، وأماكن وحقول تربية الحيوانات.إن الاكتشافات الجديدة الأخرى يمكن أن تقلل من الاعتماد على المبيدات الحشرية والعشبية التي تسهم في تدمير البيئة، كما وافق معظم الخبراء على أن مصلحة البشرية تفرض البدء منذ الآن في وضع التقنية الحيوية، والبنية التحتية اللازمتين لمواجهة الحاجة المستقبلية من الغذاء لإطعام سكان العالم لقرون قادمة، والسعي لتحسين نوعية حياة الناس في العالم، والأبحاث تسير على قدم وساق لتحقيق التطور والتقدم في هذا المجال.فوائد الأغذية المعدلة وراثياًكما سبق سيكون التحدي الأكبر خلال السنوات القادمة هو توفير الموارد الغــذائية للزيادة الكبيرة في سكان العالم. إن الأغذية المعدلة وراثياً تعد بمواجهة هذا الاحتياج بعدة طرق، إضافة إلى الفـوائد الأخــــرى للتقنية الحديثة أهمها ما يلي:( إنتاج محاصيل زراعية مقاومة للأمراض، مقاومة المحاصيل للأعشاب، مقاومة الأمراض النباتية، تحمل الجفاف والملوحة، تحمل البرد والصقيع، إيجاد نباتات لإصلاح البيئة، ومقاومة أمراض الحيوان ).انتقادات ومعارضةإن الهيئات الصحية والمنظمات الدينية وجماعات أنصار البيئة في العالم وغيرهم من العلماء، والدوائر الرسمية والمؤسسات المهنية جميعهم قاموا برفع صوتهم ضد الأغذية المعدلة جينياً، كما انتقدوا الأبحاث بزراعتها من أجل طلب الربح بغض النظر عن تأثيراتها ومخاطرها، كما انتقدوا أيضاً الحكومات لفشلها في سن القوانين والتشريعات الكافية. ومعظم الاهتمامات التي تشغل بال الجميع حيال الأغذية المعــــدلة وراثياً تنصب على ثلاثة أمـــــــــــور هي: ( الأضرار البيئية _ المخاطر الصحية _ الآثار الاقتصادية ).هل التقنية الحيوية قضية تجارية؟ وهل هناك قوانين تحكمها؟يشعر بعض الناس بشيء من الارتياح للتقنية الحيوية الجديدة وإنجازاتها، وتراهم في نفس الوقت يشعرون بشيء من الريبة والقلق حيال القضايا البيئية والصحية والاجتماعية والاقتصادية وتبعاتها، وتظهر هذه المخاوف على وجه الخصوص في أوروبا، حيث أدت اهتمامات المستهلكين إلى إيجاد نوع من المقاومة تجاه النباتات والأغذية المشتقة من التقنية الحيوية، إن اهتمامات وقلق المستهلكين الأوروبيين كان قد تزايد من جراء ما لديهم من سوء الظن وعدم الثقة في قدرات حكوماتهم على التأكد من سلامة المصادر الغذائية على إثر الذعر الذي سببته لهم قضية مرض جنون البقر، وما تم اكتشافه حديثاً من تلوث الأغذية بشوائب مادة " ديوكسين " وهي مادة هيدروكاربونية سامة ومسرطنة موجودة في المبيد العشبي البلجيكي وإن الحادثتين المفزعتين كانتا قد تسببتا في هز ثقة المستهلكين بالمنتجات الغذائية الأوروبية، كما أن المواطنين أحجموا نفسياً لعدم ثقتهم بالمعلومات الحكومية عن الأغذية المعدلة وراثياً، مما أدى بالحكومات الأوروبية إلى التريث والسماح باستيراد المنتجات المشتقة من التقنية الحيوية، حتى لو ثبت سلامتها على صحة الإنسان والحيوان وعلى البيئة، وأيضاً استجابة للأحكام الفردية والعامة، وأوروبا تحتاج الآن إلى وضع بطاقة إجبارية على عبوات الأغذية المعدلة وراثياً. لقد أدى هذا الوضع إلى الاحتكاك مع الولايات المتحدة الأمريكية، والشركـــاء التجــاريـيــن الآخـــرين الذيـن ما زالوا يعتقـــدون أن المبــادئ العلميـة السليمة ينبغي أن تكون الأساس للأنظمة المقننــة لذلك.أما في الولايات المتحدة فإن العملية التنظيمية القانونية كانت قد ارتبكت وصارت مشوشة لأن هناك ثلاث وكالات حكومية مختلفة لها سلطة شرعية على الأغذية المعدلة وهي: (وكالة حماية البيئة التي تقوم بتقييم سلامة النباتات المعدلة على البيئة، ووكالة الزراعة التي تقوم بتقييم ما إذا كان النبات سليماً لزراعته، ثم وكالة الأغذية والأدوية التي تقوم بتقييم ما إذا كان النبات سليماً وصالحاً للأكل)، وقد بادرت الحكومة الأمريكية بتوجيه جميع الوكالات المحلية المختصة بالتقنية الحيوية لسن القوانين والإجراءات المنظمة لتسهيل تسويق منتجات الهندسة الحيوية والوراثية في السوق المحلية والعالمية.لقد فشلت البلدان الأخرى في إيجاد وتطوير إجراءات نظامية متسقة، وعلى أساس علمي للسيطرة على التقنية الحيوية التي لها خاصية اكتشافات علمية محرجة، مما أدى إلى اختلال في التجارة، لقد تحققت الدوائر الحكومية الأمريكية من ضرورة الأخذ في الاعتبار جميع الاختلافات، والأوضاع السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية في البلدان، ومع ذلك فإن الإجراءات التنظيمية يجب أن تكون شفافة وصريحة وتقبل النقد المتوقع لها إذا ما أريد لها أن تكون مفهومة ومقبولة وموثوقة من قبل الصناع وجمهور العامة، ومن خلال مفاهيم منظمة التجارة العالمية ومناقشاتها، فإن الدوائر والمنظمات الأمريكية ترغب في العمل مع أمم أخرى للتأكد من أن العلوم السليمة تعتبر حجر الأساس لأي موافقة مستقبلية، وتسعى أيضاً لتسهيل المفاهيم المشتركة، وإلى التآلف والتوافق على تقييم مخاطر منتجات التقنية الحيوية.المحاصيل المعدلة وراثياً على مستوى العالموفقاً لإدارة الأغذية، والأدوية، وإدارة الزراعة في الولايات المتحدة الأمريكية، هناك أكثر من 40 نوعاً من النباتات المعدلة قد استكملت المتطلبات والشروط الحكومية الرسمية لطرحها تجارياً، ومن أمثلة هذه النباتات، الطماطم والكانتالوب ( الشمام ) التي تم تحوير خواص نضجها، وفول الصويا والبنجر اللذان أصبحا مقاومين للأعشاب، والذرة والقطن اللذان تمت زيادة مقاومتهما للآفات الحشـرية، ولا يوجد أي من هذه المنتجات في السوبر ماركت حتى تاريخه، ومع ذلك فإن توافر الأغذية المعدلة وراثياً في مخازن البقالات في الولايات المتحدة يعتبر منتشراً أكثر من المتوقع، بينما هناك القليل جداً من الفواكه والخضراوات المعدلة جينياً قد تتوافر في مواقع الإنتاج، وهناك الأغذية المعاملة بقوة مثل، زيوت الخضراوات، أو حبوب طعام الفطور مثل ( كورن فلكس ) قد تحتوي في الغالب على نسبة قليلة من عناصر معدلة، حيث إن العناصر الأولية كانت قد اشتركت في مجملها في سير عملية التحضير من مصادر مختلفة وعديدة، كما أن انتشار مشتقات فول الصويا في كل مكان، حيث تدخل كإضافات غذائية في الطعام الأمريكي الحــديث تؤكد تقريباً أن جميع المستهلكين الأمريكيين قد تعرضوا للمنتجات الغذائية المعدلة وراثياً حسب الإحصاءات الأمريكية.هناك أيضاً ثلاثة عشر بلداً بدأت بزراعة محاصيل معدلة بالهندسة الوراثية عام 2000م بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية التي قامت بإنتاج حوالي 68% من المحاصيل المعدلة وراثياً على مستوى العالم، ثم الأرجنتين، وكندا، والصين، وأستراليا، وبلغاريا، وفرنسا، وألمانيا، والمكسيك، ورومانيا، وجنوب أفريقيا، وإسبانيا، والأرجواي، ويعتبر فول الصويا والذرة أكثر محصولين ويمثلان 82% من مجموع المحاصيل التي تم حصادها وجمعها عام 2000م، ويأتي بعدهما القطن وبذور اللفت والبطاطس بنسبة 74% من المحاصيل المعدلة وراثياً، وقد تم تحـوير ما نسبته 19% منها لمقاومة الآفـات الحشرية ونسبة 7% تم تحويرهـا لتقاوم الأعشاب الضارة والآفات الحشرية.لقد تزايد محصول فول الصويا المعدل وراثياً في الولايات المتحدة الأمريكية وتزايد أيضاً محصول القطن المعدل وراثياً، ومر أيضاً محصول الذرة المعدلة وراثياً بالتجارب المماثلة، حيث ازداد إنتاج الذرة المعدلة، وكما هو متوقع فقد انتهى استخدام المبيدات الحشرية والمبيدات العشبية لهذه الأنواع المعدلة.وفي الولايات المتحدة الأمريكية تم إجراء أكثر من خمسة آلاف تجربة ميدانية منذ عام 1987م بناءً على موافقة الوكالات الفيدرالية المعنية، وتم التوصل إلى إنتاج 40 صنفاً زراعيا جديداً من المحاصيل المعدلة وراثياً وقد اجتازت متطلبات القوانين الفيدرالية، وتم بيع هذه الأنواع تجارياً وتختلف ما بين الطماطم التي تتحمل الخزن الطويل إلى الذرة المقاومة للآفات الحشرية.ومن الأمثلة على انتشار الأغذية المعدلة وراثياً في البلدان الأخرى، هناك في اليابان اختبارات صحية تجري على الأغذية المعدلة بشكل اختياري لكن الناس يفضلون الفواكه والخضراوات غير المعدلة بشكل أكبر، وعلى عكس ذلك في الهند ومع أن الحكومة لم تعلن بعد سياسة خاصة بالأغذية المعدلة وراثياً لعدم توافر زراعة محاصيل معدلة وراثياً في الهند، ولا تتوافر أيضاً منتجات تجارية منها في الأسواق، لكن الهند تدعم بشكل قوي أبحاث النباتات المحورة وراثياً، ويبدو أن الهند ستأخذ بمنافع الأغذية المعدلة، وتبني إجراءات جديدة لمواجهة الانفجار السكاني ووباء الفقر والمجاعة ومشكلات سوء التغــذيـــة. هناك بعض الولايات في البرازيل كانت قد منعت المحاصيل المعدلة، بل هناك قضايا ودعاوى قضائية تم رفعها لمنع استيراد المحاصيل المعدلة وراثياً.يتضح من ذلك أن التقنيات الحديثة للهندسة الوراثية تهتم في الأساس بعملية تحسين نوعية النباتات، وتعديل الجينات لكي تقاوم وتبقى مدة أطول أثناء خزنها واستخدامها، وعلى الرغم من أن هناك حذراً وريبة وتخوفاً من تقنية الأغذية المعدلة وراثياً إلا أن التوجهات العلمية المستقبلية تشير إلى أن الهندسة الوراثية حتمية لا نملك إغفالها وإهمالها.إن المنتجات الجديدة التي يتم تعديلها بالتقنية الحيوية تعتبر أغذية واعدة وتبشر بالخير، ويتوقع أن تكون أكثر سلامة في المستقبل، والعلماء يشعرون بالرضا من خلال الأبحاث، والطرق الحديثة التي تعمل حقيقة على الإسراع بعملية تحسين نوعية البذور والمنتجات الغذائية الحديثة.مقترحات على الطريقعلى الرغم من استمرار التجارب والدراسات البحثية، فإن جميع بلدان العالم بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية ملتزمة بإجراء المزيد من الأبحاث المتقدمة الأخرى عن تأثيرات التقنية الجــديـدة على الزراعـــة والمنتجات الزراعية من أجل الحفاظ على سلامة الإنسان والحيوان والبيئة، وتواجه حكومات دول العـــالم قاطبة صعــوبة في إنشــاء طريقـة قانونية لمراقبة تأثيرات الأنواع الجديدة من النباتات المعدلة ومنتجاتها والموافقة عليها.عليه فإنه من المهم جداً وعلى جميع الجهات الرسمية في المملكة متابعة الحركة التقنية الجديدة والأغذية المعدلة ودراستها من مختلف الجوانب السياسية والاجتماعية والصحية والاقتصادية، ومن هذه الجهات على سبيل المثال: وزارة الصحة، هيئة الغذاء والدواء، مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وزارة الزراعة، هيئة حماية البيئة والحياة الفطرية، الجامعات، وزارة التجارة، مجلس الغرف التجارية، مجلس الشورى، وغيرها. على أن يتم تناول هذه القضية كل فيما يخصه، وإجراء المزيد من التجارب والأبحاث والدراسات، وتقديم التوصيات الضرورية لذلك، ويمكن تشكيل لجنة وطنية عليا تمثل الجهات المعنية بصورة مبدئية وطارئة لإعداد الإجراءات التالية وغيرها ورفعها لمجلس الوزراء لإقرارها بالطريقة المناسبة:● دعـــم وتكثيـــف وتوحيد الجهود القــائمة حيال الأغـــذية المعــدلة وراثيــاً في المملكـــــة.● وضع سياسة استراتيجية وتقنين لكيفية التعامل مع الأغذية والمنتجات المعدلة وراثياً، ومعايير السلامة لهذه المنتجات كغيرها من المنتجات الزراعية الغذائية، ومدى السماح لها بدخول السوق السعودية، بعد الرجوع إلى قرارات وتجارب بعض الدول المتقدمة والنامية، والاستعانة بتعليمات وإرشادات منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الزراعة والأغــذية الدوليـة، ومنظمة التجارة الدولية وغيرها.● تصميم اختبارات علمية صحية تقنية لإجرائها على عينات من الأغذية المعدلة وغير المعدلة وضرورة إيجاد وتحديد مختبرات معتمدة لإجراء تلك الاختبارات.● تشجيع ودعم برامج الأبحاث العلمية والزراعية على النباتات والمنتجات الغذائية المعدلة وراثياً وغير المعدلة.● التأكد من مصدر وسلامة جميع النباتات والخضراوات والفواكه والحبوب والبذور المستوردة، وتحديد ما إذا كانت مشتقة من التقنية الحيوية.● التأكد من سلامة ومصدر المنتجات الغذائية، والعناصر الإضافية والمواد الملونة في الغذاء، وتشديد الرقابة على الأغذية المحتوية على عناصر معدلة وراثياً، وضرورة التزامها ببطاقة الصنف على كل منتج والتي توضح جميع العناصر المكونة، وعلى وجه الخصوص التركيز على رقابة الذرة ومشتقاتها من الزيت والنشا والزيت النباتي، وفول الصويا ومشتقاته، والطماطم ومنتجاتها، واللفت وبذوره ومنتجاته وزيوته وكذلك البنجر ومنتجاته، وزيت نبات دوار الشمس وباقي الزيوت النباتية، وإجراء الاختبارات المشددة عليها.● مراجعة وتطوير القوانين، والإجراءات المطبقة على المبيدات الحشرية والمبيدات العشبية والسموم الأخرى وأضرارها ومخاطرها، وكذلك تطوير التراخيص بالنسبة للمبيدات المسموحة والممنوعة، والتأكد من تطبيق التعليمات بالتفتيش والرقابة وإجراء الفحوص الدورية.● التأكد من سلامة ومصدر البذور الزراعية المحلية والمستوردة ورقابتها أثناء الزراعة والحصاد، وأخذ عينات لتحليلها والتأكد ما إذا كانت مخلوطة ببذور معدلة.● التأكد من سلامة الأعلاف والمحاصيل التي تزرع لعلف الحيوانات.● التأكد من مصدر وسلامة جميع المستحضـرات الصيدلانية الدوائية والمواد التجميلية.● مراجعة وتطوير التعليمات الخاصة ببطاقات الأصناف الغذائية والزام جميع شركات الأغذية بوضع بطاقة خاصة على جميع الأغذية المعدلة وغير المعدلة ومنتجاتها، وعلى النـاس الانتباه وضـــرورة مراجعـــة ومعرفة مـا يأكلون بدقة.● الاهتمام بوضع برامج تعليمية إعلامية وتعريفــية مكثفة لتثقيف وتوعية جميع فئات المجتمع، ونشر المعلومات والبيانات المتجـــــددة عن التقنية الحيــــوية، والأغــذية المــعدلة وراثياً من مختلف الجوانب والأبعاد

المسيرة الخضراء

المسيرة الخضراء 1975 مسيرة شعبية كبرى نجح فيها المغرب باسترداد الصحراء الغربية من الاحتلال الإسباني.أعطيت إشارة انطلاق المسيرة الخضراء من قبل الملك الحسن الثاني، و ذلك في 6 نونبر 1975، للتعبير عن مدى تعلق وإصرار الشعب المغربي على استكمال وحدته الترابية.بلغ عدد المغاربة الذين شاركوا في السيرة الخضراء 350,000 مواطن ومواطنة وهذا العدد اختاره الملك الراحل الحسن الثاني ملك المغرب بعناية فهو يساوي عدد الولادات بالمغرب في تلك الفترةوفي 5 نوفمبر، وجه ملك المغرب، من قصر البلدية بأكادير، خطاباً للشعب المغربي أعلن فيه عن انطلاق المسيرة. وبدأت المسيرة في 6 نوفمبر 1975 من طرفاية، وشارك فيها ثلاثمائة وخمسون ألفاً من المغاربة ، إضافة إلى مشاركة كل من سفراء المملكة العربية السعودية، والأردن، وقطر، والإمارات، وسلطنة عمان، والسودان، والجابون، ووفد من السنغال، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي. لقد حمل المتطوعون في المسيرة القرآن والعلم المغربي، ولم يُحمل خلالها أي سلاح، تأكيداً على أنها مسيرة سلمية، وانطلقت المسيرة بقدر كبير من الانتظام والدقة ، وعبرت المسيرة الخضراء حدود الصحراء،16 أكتوبر من سنة 1975 أعلن المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه عن تنظيم أكبر مسيرة سلمية في التاريخ مكنت من تحرير الأقاليم الجنوبية للمملكة.وقد وضعت هذه المسيرة السلمية حدا لحوالي ثلاثة أرباع قرن من الاستعمار والاحتلال المرير لهذه الأقاليم ومكنت بلادنا من تحقيق واستكمال وحدتها الترابيةفبعد أن بثت محكمة العدل الدولية بلاهاي في ملف المغرب وجاء رأيها الاستشاري معترفا للمغرب بحقه في صحرائه مؤكدا أن روابط قانونية وروابط بيعة متجدرة كانت دائما قائمة بين العرش المغربي وأبناء الصحراء المغربية، أعلن جلالة المغفور له الحسن الثاني طيب الله ثراه عن تنظيم مسيرة خضراء لاسترجاع الصحراء وتحريرها .لقد جاءت المسيرة الخضراء لتضع حدا فاصلا مع منطق الحرب وأسلوب المغامرة. وحرصا من جلالة المغفور له الحسن الثاني على تجنيب المنطقة حربا مدمرة اتخذ قراره الحكيم القاضي بتنظيم مسيرة خضراء والداعي إلى نبذ العنف واللجوء إلى الحوار لتسوية النزاعات.وفي 5 من نونبر سنة 1975 خاطب جلالته المغاربة الذين تطوعوا للمشاركة في هذه المسيرة قائلا "غدا إن شاء الله ستخترق الحدود, غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء, غدا إن شاء الله ستطأون طرفا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون ثرى من وطنكم العزيز"350 ألف مغربي ومغربية /10 في المائة منهم من النساء شاركوا في المسيرة الخضراء.بعد أربعة أيام على انطلاق المسيرة الخضراء بدأت اتصالات ديبلوماسية مكثفة بين المغرب واسبانيا للوصول إلى حل يضمن للمغرب حقوقه على أقاليمه الصحراوية.ونورد هنا ما قاله الملك الحسن الثاني في كتاب -ذاكرة ملك- عندما سأله الصحفي الفرنسي //اريك لوران// في أي وقت بالضبط قررتم وقف المسيرة الخضراء؟ فأجاب: "في الوقت الذي أدركت فيه جميع الأطراف المعنية انه يستحسن أن تحل الدبلوماسية محل الوجود بالصحراء. ولم يكن إرسال المغاربة في المسيرة الخضراء بالأمر الأكثر صعوبة، بل كان الأكثر من ذلك هو التأكيد من أنهم سيعودون بنظام وانتظام عندما يتلقون الأمر بذلك، وهم مقتنعون بان النصر كان حليفهم، وذلك ما حصل بالفعل". 9 نونبر 1975 يعلن الملك الحسن الثاني أن المسيرة الخضراء حققت المرجو منها وطلب من المشاركين في المسيرة الرجوع إلى نقطة الانطلاق أي مدينة طرفاية.مدريد يوم 14 نونبر 1975 يوقع المغرب واسبانيا وموريتانيا اتفاقية استعاد المغرب بمقتضاها أقاليمه الجنوبية. وهي الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وصادقت عليها -الجماعة- التي أكدت في اجتماعها بالعيون يوم 26 فبراير 1976 مغربية الصحراء. وبذلك تم وضع حد نهائي للوجود الاسباني بالمنطقة وتم احترام موقف سكانها المعبرعنه من طرف /الجماعة/ الهيئة الصحراوية الوحيدة ذات طابع التمثيلي الحقيقي.وقد تمت المفاوضات طبقا للفصل 33 من ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الذي عقد عدة جلسات بطلب من اسبانيا بعد الإعلان عن المسيرة الخضراء. ودعا مجلس الأمن في قراراته الأطراف المعنية إلى التحلي بضبط النفس والاعتدال وتجنب كل عمل من جانب واحد من شأنه تصعيد التوتر. وأشار المجلس في قرار صدر في 6 نونبر 1975 إلى ضرورة التعاون مع الأمين العام للتوصل إلى حل سياسي متفاوض بشأنه. وقد أثبت هذا المسلسل أن المغرب كان ملتزما تمام الالتزام بالشرعية الدولية في استكمال وحدته الترابية

التكنولوجيا

التكنولوجيا ؟ المفهوم الشائع لمصطلح التكنولوجيا هو استعمال الكمبيوتر والأجهزة الحديثة ، و هذه النظرة محدودة الرؤية ، فالكمبيوتر نتيجة من نتائج التكنولوجيا ، بينما التكنولوجيا التى يقصدها هذا المقرر هى طريقة للتفكير وحل المشكلات ، وهى أسلوب التفكير الذى يوصل الفرد إلى النتائج المرجوة أى أنها وسيلة وليست نتيجة ، و أنها طريقة التفكير فى استخدام المعارف والمعلومات والمهارات بهدف الوصول إلى نتائج لإشباع حاجة الإنسان وزيادة قدراته ، لذا يري اللقاني والجمل أن التكنولوجيا تعني الاستخدام الأمثل للمعرفة العلمية وتطبيقاتها وتطويعها لخدمة الإنسان ورفاهيته.ويعرفها محمد عطية خميس بأنها " العلم الذي يعنى بعملية التطبيق المنهجي للبحوث والنظريات وتوظيف عناصر بشرية وغير بشرية فى مجال معين ، لمعالجة مشكلاته ، وتصميم الحلول العلمية المناسبة لها ، وتطويرها ، واستخدامها وإدارتها وتقويمها لتحقيق أهداف محددة " .ويرى آخرون أنها العلاقة بين الإنسان والمواد والأدوات كعناصر للتكنولوجيا وأن التطبيق التكنولوجي يبدأ لحظة تفاعل هذه العناصر معًا ، وتعرفها كوثر كوجك على أنها جهد وفكر إنساني، وتطبيق المعلومات والمهارات لحل مشكلات الإنسان ، وتوفير احتياجاته وزيادة قدراته.ويري عادل سلامة أن التكنولوجيا هي التطبيق المنظم للمعرفة ، والعلوم الأخرى المنظمة ، في مجال معين أو التطبيق العلمي التي تتعلق بالعلوم الطبيعية بهدف الحصول على نتائج علمية محددة ، بمعني أنها الجانب التطبيقي للمعرفة والنظريات العلمية لتحقيق أهداف محددة .ويلخص حسين كامل بهاء الدين رؤيته لمفهوم التكنولوجيا قائلا:" إن التكنولوجيا فكر وأداء وحلول للمشكلات قبل أن تكون مجرد اقتناء معدات " ، ويعتقد كل من ماهر إسماعيل صبري وصلاح الدين محمد توفيق أن التكنولوجيا ليست مجرد علم أو تطبيق العلم أو مجرد أجهزة بل هي أعم وأشمل من ذلك بكثير فهي نشاط إنساني يشمل الجانب العلمي والجانب التطبيقي.من خلال هذا العرض يمكننا تعريف التكنولوجيا على أنها:" جهد إنساني و طريقة للتفكير فى استخدام المعلومات والمهارات والخبرات و العناصر البشرية وغير البشرية المتاحة فى مجال معين وتطبيقها فى اكتشاف وسائل تكنولوجية لحل مشكلات الإنسان وإشباع حاجاته وزيادة قدراته " .أهداف " التكنولوجيا وتنمية التفكير " كمادة دراسية فى الأهداف التالية :تنمية التفكير الابتكارى فى دراسة وتحليل المشكلات .إضفاء البهجة والمتعة على العملية التعليمية التعلمية لكل من التلميذ والمعلم ، حيث يتم العمل فى مجموعات عمل صغيرة .ملاحقة ومتابعة التغيرات التكنولوجية المتلاحقة ، وأثرها على المجتمع سلبًا وإيجابًا ، والجهود التى تبذل للتحكم فيها .التعامل مع الأجهزة والمعدات التكنولوجية، لتنظيم أدائها مع صيانتها وتطويرها.اكتساب بعض المهارات الأساسية فى استخدام العدد والأدوات البسيطة ، مع تطبيق قواعد الأمن والسلامة فى استخدامها .زيادة الثقة بالنفس والقدرة عل المشاركة فى الإنتاج .ترشيد استخدام الموارد المتاحة لحل المشكلات البيئية باستخدام باقي الخامات والفوارغ... الخ.تطبيق حل المشكلات للوقاية من الأخطار الطارئة ، وتجنب آثارها السلبية .تنمية الوعى باستشعار المشكلات قبل ظهورها ، واتخاذ الاحتياطات الواقية لتجنب آثارها .تعرف مصادر التعلم المختلفة معها ، وعدم الاقتصار على الكتاب المدرسى أو المعلم فقط .زيادة المشاركة الإيجابية والعمل التعاونى فى فريق ، والتدريب على أسلوب طرح الآراء ، ومناقشة الآخرين واحترام الرأى الآخر ، وغرس مبادئ الديمقراطية وممارستهاتقدير قيمة العمل اليدوي واحترام العاملين به .مسايرة نمو مفهوم محو الأمية من مجرد الإلمام بالقراءة والكتابة، إلى عدم القدرة على التعامل مع الوسائل العلمية الحديثة، إلى حل المشكلات التطبيقية الأخرى.تعرف خصائص النظام ( مدخلاتها وتشغيلها ومخرجاتها ) ، وتقييم كل عنصر من عناصرها.أهمية التكنولوجيا وخطورتها:في المواصلات: التكنولوجيا في الغرب صارت مسئولة عن تسيير جميع وسائل المواصلات، وصارت الكمبيوترات هي التي تتحكم في حركة الطائرات وتوجيهها، وأعمال أبراج المراقبة. بل حتى الحجز وإصدار التذاكر، صار المواطن هناك يستصدرها من بيته عبر الانترنت.في الزراعة: لدى الغرب مجسات كبيرة غائصة في أعماق التربة، تتحسس نسبة الرطوبة فيها، وبمجرد أن ينخفض مستوى الرطوبة عن الحد المطلوب، تصدر هذه المجسات إشارات إلكترونية لرشاشات ضخمة، لتقوم بري آلاف الأفدنة على الفور، فلا يحدث أي ضرر للمحصول. بل إنهم حتى يقيسون نسبة السماد في التربة، ويتحكمون في كميته واختيار نوعه الملائم للتربة أو المحصول المزروع عن طريق الكمبيوتر.في التعليم:يصل تقرير يومي للآباء والأمهات عن طريق الانترنت، يبين لهم مستوى ابنهم العلمي وتحصيله الدراسي، وسلوكه وأخباره في المدرسة.التعليم عن بعد ( E- learning ) أصبح الطالب عن طريق الانترنت يستطيع أن يلتحق بالجامعة التي يريدها، ويحضر المحاضرات، ويناقش الدكاترة، ويتقدم للامتحانات ويحصل على الشهادة، كل هذا وهو جالس في بيته.في أوروبا مكتبة مركزية إلكترونية، تغطي كافة أوروبا، بحيث أن أي أستاذ في أي صف دراسي، يريد أن يشرح للتلاميذ عن أمر ما، ولنقل مثلاً عن الغابات في إفريقية، فإنه يتصل من جهازه في الصف بالمكتبة المركزية، ليعرض للتلاميذ تلك الغابات بالصور الحية، ويتم شرح الدرس عليها.في الصحة:يمكن لجراح في لندن أن يقوم بعملية عن طريق المنظار، ويتصل عن طريق الانترنت بطبيب آخر في استراليا، ليراقب العملية معه، ويبدي رأيه واستشارته، لترتفع نسبة نجاح وكفاءة العمليات إلى أعلى مستوى.مؤتمرات طبية عن طريق الاتصال الفضائي، بحيث يُحدد موعدٌ، يلتقي فيه أطباء من مختلف أنحاء العالم عن طريق الاتصال الفضائي المباشر، فيتناقشون ويتباحثون، وترتفع إمكانياتهم أكثر فأكثر.بعض الأجهزة الطبية بالغة الدقة، تصمم بالكمبيوترات.الأمراض الوراثية وهندسة المورثات (الجينات) ومعالجتها وتعديلها تدار بالكمبيوتر.عمليات التهجين وتحسين السلالات تتم من خلال الكمبيوتر.في التجارة: كافة الشركات الكبرى والمصانع لها مواقع على الانترنت، بحيث يتصل بها الزبون أو العميل، فيختار ما يريد، ويجري عليه التعديلات التي تروقه، ثم يشتريها ويدفع الثمن ببطاقة الائتمان، كل هذا عن طريق الانترنت، ثم يتم شحنها له.في الثقافة والفنون: كافة الخدع السينمائية والأفلام الكرتوينة والمونتاج، صارت تتم بتقنيات عالية جداً، ونحن لا نستطيع أن نخرج شخصية كرتونية واحدة تعبر عن ثقافتنا، وإن فعلنا فلن تكون بنفس الدقة والجمال، وستكون تكاليفها أعلى بكثير من استيراد الأجنبي الجاهز، لأننا لا نملك تلك التقنيات المتطورة.في البحث العلمي: كل بحث علمي جديد صار ينشر على شبكة الانترنت، وما على الباحث إلا أن يتصل بالشبكة، ويكتب اسم الموضوع الذي يريده، لتخرج له جميع المقالات والأبحاث وأحدثها في أوروبا وأمريكا، والمتعلقة بموضوعه. في حين أن الباحث العربي لكي يبحث عن مرجع عربي واحد، عليه أن يتصل بالمكتبات واحدة واحدة، ويسأل ويتعب ويتوه، وقد لا يجده في النهاية.في الأمن الداخلي: جميع البطاقات الشخصية وجوازات السفر صارت الآن ممغنطة، بحيث يعرف رجل الأمن بمجرد أن يمررها على جهاز الكمبيوتر كل شيء عنك، منذ ولدتك أمك.لذوي الاحتياجات الخاصة: هل تعلمون أن هناك بلداً كاملة في ألمانيا، معدة بأجهزة وتقنيات عالية، بحيث يمضي فيها ذوي الاحتياجات الخاصة إجازاتهم، فيستجمون ويتحركون بحرية، وكأنهم استعادوا خمسين بالمائة من قدراتهم المفقودة.في الأسلحة: صارت الأسلحة الآن والصواريخ كلها توجه من بعد، وطائرات التجسس والقتال تقاد بالكمبيوترات دون طيارين